مقال

استراتيجيات ذكية لخلق كفيف مستقل

 
بقلم – عبير اللالا
قد تكون فكرة قيادة كفيف لسيارة أو أن يقرأ محتوى كتاب ورقي في العقود الماضية هو ضرب من الخيال، لكن في عصر الثورة التقنية الرقمية الحديثة ومع ابتكار السيارة ذاتية القيادة، تحولت تلك الفكرة من مجرد خيال إلى واقع نعيشه في وقتنا الحالي.
هناك صورة نمطية مطبوعة في عقول الكثير من الناس في المجتمعات العربية عن حياة الكفيف بأنه دائماً بحاجة للمساعدة أو أنه عاجز عن إدارة شؤون حياته بصورة مستقلة، فقد يرجع ذلك إما إلى الإيطار المرجعي الذي نشأ فيه والقيود التي فرضتها عليه الأسرة، أو الغرس الثقافي الذي نشرته وسائل الإعلام، أو الفجوة المنهجية في المؤسسات التعليمية، وغيرها من المعوقات التي تقف عائقاً أمام استقلالية الكفيف.
يمكن وضع خطط واستراتيجيات مدروسة لخلق كفيف مستقل قادر على أن يدير شؤون حياته بخطى واثقة، وإيجاد خيارات وبدائل تعويضية تمكنه من ممراسة أعماله اليومية بكل سلاسة ويسر ومنها:
أولاً:دور التنشئة الاجتماعية:
إن الأسرة تلعب دور مهم في صقل الشخصية المستقلة للطفل الكفيف وخصوصاً الأم فهي المدرسة الحاضنة الأولى الملازمة للطفل الكفيف منذ ولادته، ويكون بتعريف الطفل كل شيئ موجود من حوله باستخدام الحواس الأخرى كاللمس والسمع والشم والتذوق، ومن ثم تعلم الأم ابنها خلال فترة المراهقة النظافة والعناية الشخصية واختيار الملابس وترتيب الخزانة والغرفة وأيضاً اعداد الطعام بنفسه، خصوصاً في ظل وجود أجهزة ناطقة مساعدة في المطبخ، فتلك التفاصيل الدقيقة تبقى ملازمة للكفيف مدى حياته.
ثانياً:دور المؤسسات التعليمية:
تعتبر وزارة التربية والتعليم هي المحور الثاني الأساسي في تعزيز مفهوم الشخصية المستقلة للكفيف بعد الأسرة مباشرة، خصوصاً أن الطالب الكفيف يقضي فترة طويلة من حياته في المدرسة يكتسب من خلالها مهارات ومفاهيم تأهله للإنخراط مع العالم الخارجي، ويكون ذلك من خلال:
الدمج في صفوف الطلبة الأسوياء والتحفيز على المشاركة في الأنشطة والفعاليات الصفية
إقامة دورات تدريبية لتعلم برامج قارئات الشاشة لتمكن الكفيف من الدراسة بمفرده
توفير قارئ للشاشة في المختبرات التعليمية
تنظيم دورات فن التوجه والحركة للتحفيز على استخدام العصا البيضاء
إقامة ورش عمل ومحاضرات توعوية للكفيف وأسرته عن أهمية الإعتماد على النفس والإستقلالية
التدريب على تحميل التطبيقات المخصصة للمكفوفين وضعاف البصر والمتاحة على المتاجر الإلكترونية والخاصة بالهواتف والألواح الذكيةومنها مثلاً:
تطبيق قارئ العملات
تطبيق قاموس
تطبيق ( الكتب المسموعة
تطبيقات تقرأ النصوص والصور مثل تطبيق Envision
تطبيق قارئ الألوان
ثالثاً:دور وسائل الإعلام:
إن وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمطبوعة لها الأثر العميق في تغيير الصورة النمطية عن حياة الكفيف والتأكيد على أن الكثير منهم قد مكنتهم التقنية الرقمية الحديثة من إثبات الإستقلالية ، والإعتماد كل الإعتماد على الذات ويكون ذلك من خلال :
عمل مقابلات مع موظفين مكفوفين متميزين في عملهم
تصوير برامج تبرز دور الأجهزة التعويضية التي يستخدمها الكفيف والتي لا يعلمها الكثير من الناس
تسليط الأضواء على الطلبة المكفوفين المتفوقين ومعرفة الأسباب التي انتهجوها للوصول لمبتغاهم.
حضور المؤتمرات والمعارض الدولية للاطلاع على أفضل المستجدات والتي تسد احتياجات ذوي التحديات البصرية.
رابعاً:دور الحكومات:
إن أهمية دور الحكومة في سن القوانين ووضع التشريعات ووجود بنية تحتية في الدولة يعزز مفهوم استقلالية الكفيف ويكون من خلال:
الإقتباس والسير على نهج الدول المتقدمة من إيجاد بنية تحتية تمكن الكفيف من السير بأمان وبمفرده كما هو الحال في اليابان.
تنظيم معارض ومؤتمرات دولية تعرض أحدث الأجهزة التعويضية والبرامج التي يحتاجها الكفيف
إنشاء مراكز وجمعيات لتقديم خدمات ودورات تأهيلية
توفير أجهزة الصراف الآلي الناطقة
وجود مصاعد ناطقة في المراكز والبنايات
توفير قائمات الطعام بلغة برايل في المطاعم
إن تظافر الجهود وتكاتف الأيدي يخلق كفيف مستقل قادر على مواجهة العثرات والعقبات من جانب ومن جانب آخر الإندماج مع من حوله بفعالية فيكون شخص منتج معطاء ينهض بمجتمعه ووطنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى