مقال

ضرورة الرحمة في كل خصال الإنسان

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن ضرورة الرحمة في كل خصال الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 16 نوفمبر 2023

إن الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إن النجاة من عذاب الآخرة لمن نجا من عذاب القبر، فهذا علمه عند الله جل وعلا، ولكن قد روى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “إن القبر أول منازل الآخرة، فإن نجا منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه” رواه الترمذي، وجاء في مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح فما بعده أي من المنازل أيسر منه أي أسهل وأهون لأنه يفسح للناجي من عذاب القبر في قبره مد بصره وينور له ويفرش له من بسط الجنة ويلبس من حللها ويفتح له باب إلى الجنة.

فيأتيه من روحها وطيبها وكل هذه الأمور مقدمة لتيسير بقية منازل الآخرة وإن لم ينج منه أي لم يخلص من عذاب القبر ولم يكفر ذنوبه وبقي عليه شيء مما يستحق العذاب به فما بعده أشد منه لأن النار أشد العذاب فما يحصل للميت في القبر عنوان ما سيصير إليه، والله أعلم، وإنه يجب التأكيد علي ضرورة الرحمة في كل خصال الإنسان، وفي كل أعماله، ومع كل أحد لعموم قوله ” ارحموا من فى الأرض يرحمكم من فى السماء” فإنه لا تنزع الرحمة إلا من شقي، هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن دلائل الشقاء أن يغيب عن قلبك الرحمة للخلق، فإذا غابت الرحمة فاحذر أن تكون من الأشقياء، فقال صلى الله عليه وسلم ” لا تنزع الرحمة إلا من شقى” وأما أهل الجنة فهم أهل رحمة وبر وإحسان ورأفة.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” أهل الجنة ثلاثة، ذو سلطان مقسط متصدق موفق” رواه مسلم، أي صاحب ولاية، عادل، محسن، مسدد في قوله وعمله، ثم قال صلى الله عليه وسلم في بيان أصحاب الجنة الثلاثة قال “ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذى قربى ومسلم” ثم قال صلى الله عليه وسلم في ثالث أصحاب الجنة “وعفيف متعفف ذو عيال”أي صاحب حاجة وصاحب قلة ذات اليد، وله من يعول، لكنه عفيف في نفسه عما يكون من المكاسب الرديئة، متعفف عن أن يسأل الناس، فإن هذه الصفة سمة في خلق المسلم مع كل أحد، مع القريب والبعيد، والصغير والكبير، فالإحترام صفة تشمل كل تصرفات الإنسان، إلا أنها تتأكد في حق الضعفاء وهم كل من قام فيه وصف يُوجب الرأفة والعناية والرحمة، عندها يعظم الفضل، ويزيد الأجر، ويكبر ما يكون من عطاء الرب جل في علاه.

ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم يوصي برحمة الضعفاء، صغارا وكبارا، أطفالا وشيوخا، رجالا ونساء، ويحث على ذلك بقوله وفعله، فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أبغونى ضعفاءكم، فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفاءكم” أبغوني ضعفاءكم أي اطلبوا الضعفاء، فأحسنوا إليهم، وبروهم، وأحسنوا إلى ذوي الحاجات، وذوي الضعف منكم من صغار وكبار، ورجال ونساء، وتفقدوا أحوالهم، واعتنوا بهم، واحفظوا حقوقهم، واجبروا قلوبهم، وأحسنوا إليهم قولا وعملا، إذا فعلتم ذلك كانت عاقبة ذلك الرزق والنصر والحفظ لكم من كل سوء وشر، فيكون هذا أي بإحسانكم إليهم، وببذل الخير إليهم، وبحفظ حقوقهم والقيام على شئونهم، وإنه لا يمكن لهم سلب احترامنا للذات، إذا لم نعطهم إياها، فأصحب الناس بمكارم الأخلاق، فإن الثواء بينهم قليل، وإن احترام الناس له جانبان، أحدهما سلبي والآخر إيجابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى