مقال

الصدقة ودواليب الاقتصاد

جريدة

الدكروري يكتب عن الصدقة ودواليب الاقتصاد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 21 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد ألا إله إلا الله ولي الصالحين وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله إمام العابدين وقدوة المربين صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، يقف الإنسان عند آخر هذه الحياة فينظر إليها وكأنها نسج من الخيال، أو ضرب من الأحلام، يقف في آخر سنين عمره وقد ضعف بدنه، ورق عظمه، فأصبحت آلامه متعددة من ضعف البدن، وثقل السمع، وتهاوت القوى، وتجعد الجلد، وابيضّ الشعر، ويمشي بثلاث بدل اثنين، هكذا يكون حال الإنسان إذا تقدم به العمر، وهذه المرحلة من مراحل السن هي سنة الله في خلقه، ولم يسلم منها حتى الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، ولذلك فإن من عظمة الإسلام أنه كما اهتم بالإنسان صغيرا ووجه الأسرة والمجتمع إلى رعايته والاهتمام به.

فإنه كذلك أمر بحسن رعاية واحترام الكبير في الإسلام مهما كان أب أو أم، قريبا أم بعيدا، جارا أم صديقا، أخ أم عم أم خال معروفا أم غريبا، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ليس منا من لم يوقر كبيرنا، ويرحم صغيرنا” رواه أحمد، فعليكم بالصدقة عباد الله، فإن الصدقة تحرك دواليب الاقتصاد لأنها توفر السيولة لدى المحتاجين وهي بدورها تحرك عجلة السوق ومن هذه المواقع يأتي تأثير الصدقة في الأمن الاجتماعي فهي من جانب تمنع الجريمة التي ترتكب بسبب الحاجة والعوز، وتمنع الفساد الأخلاقي الناشئ من الفقر والفاقة، ومن جانب آخر تنمي الشعور الجمعي والإحساس بالآخرين في المجتمع وكلها مؤشرات فاعلة في استئصال شأفة الجريمة والميوعة والبطالة الجرمية.

ومن أجل هذه الأهداف شرع الإسلام هذا العطاء، وجعله في بعض الموارد من الواجبات كالزكاة، وفي موارد أخرى من المستحبات، فالصدقة الضريبة التي يدفعها المسلم ليعيش في جو آمن مُسالم وهو يدفعها عن طيب خاطر وراحة ضمير، فقال الإمام على رضى الله عنه “أفضل المال ما وقي به العرض وقضيت به الحقوق، وأفضل السخاء أن تكون بمالك متبرعا وعن مال غيرك متورعا” فالصدقة هي الوسيلة الناجعة لمكافحة الرذيلة والانحراف لأنها تقلعها من جذورها، فقال علي بن أبي طالب رضى الله عنه “بالإحسان تغمد الذنوب” كيف ذلك؟ لأن المجتمع الذي يعيش في الرفاهية وفي بحبوحة العيش سينعم بالأمن والاستقرار أيضا، وإن الإيمان يطمئن النفوس، ويهدئ المجتمعات من القلاقل.

والفتن والأزمات، في أمور كثيرة، اضطربت فيها أنظمة الأمم، وتباينت فيها الآراء رغبة في وجود حل، والقضاء على مشكلة، مثل الأمن الزراعي وتوفير الغذاء، والأمن الصحي والاهتمام بالمريض، كوصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم بزيارة المريض، وهدية في العلاج الطبي، والأمن الأسري ورباط الزوجية، كما في قول الله تعالى ” والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين” والأمن العائلي والاهتمام بالأولاد، كما جاء في سورة النساء في تقسيم التركات، وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إنك أن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس” وفي منعة صلى الله عليه وسلم الوصية للولد وقوله “لا وصية لوارث” وهناك الأمن التربوي وتعليم الأبناء، يوضح مثل هذا وصية لقمان لابنه.

وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في تعليم الأولاد الصلاة ” مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع” وأيضا الأمن في الأوطان وحمايتها كما جاء في الأثر” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الأمن في الأوطان والصحة في الأبدان” والبلد الآمن هو مكة التي جاء ذكرها في سورة البقرة، وسورة إبراهيم وغيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى