مقال

السنة التي أقام الله عليها الحياة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن السنة التي أقام الله عليها الحياة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 25 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، يا أيها المؤمنون افعلوا الخير مهما دق في أعينكم، ومهما قل أو صغر عندكم، فإنه عند الكريم سبحانه مضاعف كبير، يجزيك ربك بأحسن منه، فيا أيها المؤمن إياك ثم إياك أن يُلبّس عليك الشيطان، وأن تلبس عليك نفسك الأمارة بأن هذا العمل صغير وهذا الخير قليل لا داعي لعمله لأنه لا أجر كبيرا عليه بل افعل الخير مهما قل، كما ينصحك بذلك نبيك المصطفي صلى الله عليه وسلم، واترك كتابة الأجر وتقدير الفضل لربك الكريم سبحانه، فقد قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح “من تصدّق بعدل تمرة من كسب طيب، ولا يقبل الله إلا الطيب.

فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل” وإن من فعل الخيرات، هو ذهابك الى المسجد، ومن فعل الخيرات، هو الإحسان إلى الإنسان، والإحسان حتى إلى الحيوان، فإن الله لا يضع أجر من أحسن عملا، فقد تقدم خيرا وإحسانا إلى إنسان أو حيوان فيكون سببا في أن يحلّ عليك رضوان الله، وقد يعمل المؤمن خيرا يسيرا سهلا لا يظن أنه سيبلغ به المنازل العليا، ولكنه يبلغ به بفضل الله وكرمه، واعلموا يرحمكم الله بأن الصراع بين الحق والباطل لا يتوقف ولن يتوقف، وإن المتتبع لآيات القرآن الكريم والمدقق في إرساله لأنبيائه ورسله وما لاقوه من تعنت وتكذيب وتعذيب من قبل أقوامهم, سيلاحظ دون عناء حتمية تلك السنة الإلهية ولزومها.

وإن المدقق في الآيات القرآنية الكريمة لا يعجزه أن يقف على حقيقة مفادها أن الصراع بين الحق والباطل، هو سنة أقام الله تعالى عليها هذه الحياة، وأن الحياة لا يمكن أن يسودها الخير المطلق، بحيث تخلو من الشر، كما أنها لا يمكن أن تعاني من الشر المطلق بحيث لا يكون فيها قائم بالحق, فمزيج الحق والباطل هو قضاء الله تعالى وقدره في هذه الدنيا، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، وإن ميدان الصراع بين الحق والباطل له ميدانان وهو ميدان النفس البشرية فالإنسان قابل للهدى والضلال، وأيضا الإنسان حين يكون خيّرا لا يعنى أن عناصر الشر زالت منه بالكلية بل النفس الآمرة بالسوء موجودة وكيد الشيطان موجود ولذلك قد يخطئ المستقيم أو يضل أو ينحرف عن هذا الطريق أو يتركه حينا ثم يعود إليه.

وأما الميدان الثانى، فهو الصراع عبر المجتمع، فالجهاد في ميدان النفس لا ينتهي, لكن الذين يجاهدون أنفسهم منهم من ينجح في هذا الجهاد فيكون من أهل الخير ودعاة الإسلام, ومنهم من يفشل في هذا الجهاد أو لا يجاهد أصلا، فيكون من أهل الشر الذين عرفوا الحق ورفضوه أو لم يعرفوه أصلا، وهنا يوجد الصراع بين هؤلاء وهؤلاء في الميدان الكبير، ميدان المجتمع وهذا هو الميدان الأخير للمعركة بين الحق والباطل وبين الشيطان وأتباعه وبين الرسل وأتباعهم، فلا يكاد يخلو عصر من العصور من ذلك الصراع، كما لا يمكن أن يستثنى زمان منه ومن آثاره، فقد بدأ الصراع بين الحق والباطل بقتل قابيل لأخيه هابيل، وقد مثل أحدهما الحق وهو هابيل، والآخر الباطل،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى