مقال

الناظر في الكون وآفاقه

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الناظر في الكون وآفاقه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 29 نوفمبر

الحمد الله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا الله الحليم الكريم، رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وخلفائه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد إن في الإستجابة لله حياة، وما أكثر الناس الذين يتبجحون بحب الله وحب رسوله صلي الله عليه وسلم، وكل يدعي وصلا بليلى، وليلى لا تقر لهم بذاكا، ولكن ما الدليل على صدق إيمانك وقوة يقينك وشدة حبك لله ورسوله؟ فإن الدليل هو سرعة استجابتك لأوامر الله ورسوله عندما تسمع آية فيها أمر الله سبحانه وتعالى، وعندما تسمع حديثا فيه أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل تتقبل ذلك مباشرة دون تلكؤ؟ ودون تباطؤ؟ ودون تململ؟

أم أننا نماطل، ونسوف، وحينما ربنا يهديني وحينما وحينما، ومبررات لا أكثر، فعندما يبلغك حكم الله في مسألة من شؤون حياتك، وعندما يبلغك حكم رسول الله صلي الله عليه وسلم في قضية من قضايا معاشك، كم يمضي عليك من الزمن لتمتثل حكم الله وحكم رسول الله؟ فهل تطبق أمرهما بأسرع صورة ممكنة؟ أم تتريث حينا من الدهر، يوما أسبوعا شهرا وربما أكثر من ذلك؟ وسرعة الاستجابة إلى أوامر الله تعالي لما اختار نبي الله موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام سبعين رجلا لميقات وقته له رب العالمين، أسرع موسى للقاء الله تعالى وخلف قومه وراءه، فعجب الله منه، فهل أنت ممن يعجلون إلى الله بالتوبة؟ أم ممن يسوفونها إلى حيث لا تنفع التوبة، ونجد أيضا سرعة استجابة رسول الله صلي الله عليه وسلم لأوامر الله تعالى.

ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما نزلت ” وأنذر عشيرتك الأقربين” صعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر، يا بني عدي، أي لبطون من قريش حتى اجتمعوا” رواه البخاري، ولنتأمل معا كيف استجاب الصحابة لأوامر الله في تحريم الخمر، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال “ما كان لنا خمر غير هذا الذي تسمونه الفضيح أي شراب يتخذ من البسر، فإني لقائم أسقي أبا طلحة وفلانا وفلانا إذ جاء رجل فقال هل بلغكم الخبر؟ فقالوا وما ذاك؟ قال حُرمت الخمر، قالوا أهرق هذه القلال يا أنس، قال فما سألوا عنها ولا أرجعوها بعد خبر الرجل” فهل شبابنا سمع النداء ولبا، وقد انتهينا ربنا قد انتهينا، وإن الناظر في الكون وآفاقه يشعر بجلال الله عز وجل وعظمته.

فالكون كله عاليه ودانيه، صامتة وناطقه، أحياؤه وجماداته، كله خاضع لأمر الله، منقاد لتدبيره، شاهد بوحدانيته وعظمته، ناطق بآيات علمه وحكمته، دائم التسبيح بحمده، وإن آيات الله في الكون لا تتجلى على حقيقتها ولا تؤدي مفعولها إلا للقلوب الذاكرة الحية المؤمنة، تلك التي تنظر في الكون بعين التأمل والتدبر، تلك التي تعمل بصائرها وأبصارها وأسماعها وعقولها، ولا تقف عند حدود النظر المشهود، لتنتفع بآيات الله في الكون، أما الكفرة والملحدون، فهم عُمي البصائر غلف القلوب، إنهم لا يتبصّرون الآيات وهم يبصرونها، ولا يفقهون حكمتها وهم يتقلبون فيها، فأنى لهم أن ينتفعوا بها؟ فيقول الله عز وجل في سورة آل عمران ” إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب” حقا فإنها دعوة إلى التدبر في الكون وتأمل مدى دقته وتناسق نواصيه وأجزائه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى