مقال

الصفة القائمة به سبحانه وتعالي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصفة القائمة به سبحانه وتعالي
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد الله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، أشهد ألا إله إلا الله الحليم الكريم، رب السموات السبع ورب الأرض رب العرش العظيم، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وخلفائه وأتباعه إلى يوم الدين، أما بعد إن من رحمة الله بعباده أن أنزل الكتب وأرسل الرسل وشرع هذه الشريعة العظيمة، ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله تعالى إن الشريعة كلها مبنية على الرحمة في أصولها وفروعها وفي الأمر بأداء الحقوق سواء كانت لله أو للخلق فإن الله لم يكلف نفسا إلا وسعها، وإذا تدبرت ما شرعه الله عز وجل في المعاملات والحقوق الزوجية، وحقوق الوالدين والأقربين، والجيران، وسائر ما شرع، وجدت ذلك كله مبنيا على الرحمة.

ثم قال لقد وسعت هذه الشريعة برحمتها وعدلها العدو والصديق، ولقد لجأ إلى حصنها الحصين الموفقون من الخلق، ويقول ابن القيم رحمه الله “من أعطى اسم الرحمن حقه عرف أنه متضمن لإرسال الرسل، وإنزال الكتب أعظم من تضمنه إنزال الغيث، وإنبات الكلأ، وإخراج الحب، فاقتضاء الرحمة لما تحصل به حياة القلوب والأرواح أعظم من اقتضائها لما تحصل به حياة الأبدان والأشباح، ولكن المحجوبون إنما أدركوا من هذا الاسم حظ البهائم والدواب وأدرك منه أولوا الألباب أمرا وراء ذلك، وإن هناك قضيتين مهمتين في هذا الباب، أما الأولى فهي أن رحمة الله في الدنيا عمت جميع خلقه برهم وفاجرهم، مؤمنهم وكافرهم، فالكافر له رحمة في الدنيا، ولا رحمة له في الآخرة، وقال الحسن وقتادة في قوله تعالى ” ورحمتي وسعت كل شيء”

قالا وسعت في الدنيا البر والفاجر، وهي يوم القيامة للذين اتقوا خاصة، أما الأمر الثاني فمن تأمل في آيات سورة الشعراء، يجد أن الله تعالي كلما ذكر قصة من قصص الأنبياء ختم القصة بقوله سبحانه ” وإن ربك لهو العزيز الرحيم” واقتران اسم العزيز بالرحيم يدل على أن الله تعالي عزيز، ومع كونه عزيزا قويا غالبا قاهرا لكل شيء فهو رحيم سبحانه كريم غفور، ورحمته عز وجل ناشئة عن قوة وقدرة وعزة، لا عن عجز وضعف، وإن هناك اسمين متلازمين من أسماء الله الحسنى وهما الرحمن والرحيم، والرحمن والرحيم اسمان مشتقان من الرحمة، والرحمة في اللغة هي الرقة والتعطُف، ورحمن أشد مبالغة من رحيم ولكن ما الفرق بينهما؟ فالرحمن هو ذو الرحمة الشاملة لجميع الخلائق في الدنيا، وللمؤمنين في الآخرة.

أي إن رحمته عامة تشمل المؤمن والكافر في الدنيا، وخاصة بالمؤمنين فقط في الآخرة، فقال تعالى ” الرحمن علي العرش استوي” فذكر الاستواء باسمه الرحمن ليعم جميع خلقه برحمته والرحيم هو ذو الرحمة للمؤمنين يوم القيامة، كما في قوله تعالى ” وكان بالمؤمنين رحيما” فخص برحمته عباده المؤمنين، وقالوا الرحيم هو الذي يريد الخير للمرحوم، وليس في الوجود شر إلا وضمنه خير ويقول ابن القيم الرحمن دال على الصفة القائمة به سبحانه والرحيم دال على تعلقها بالمرحوم، فكان الأول للوصف والثاني للفعل، فالأول دال أن الرحمة صفته، والثاني دال على أنه يرحم خلقه برحمته وإذا أردت فهم هذا فتأمل قوله ” وكان بالمؤمنين رحيما “

أي أنه بهم رحيم، ولم يجيء قط رحمن بهم فعُلم أن الرحمن هو الموصوف بالرحمة، ورحيم هو الراحم برحمته، فالرحمن الذي الرحمه وصفه، والرحيم الراحم لعباده، والرحمن من الأسماء الخاصة به سبحانه ولا يجوز أن تنسب لغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى