مقال

الدنيا عرض حاضر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الدنيا عرض حاضر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 9 ديسمبر

الحمد لله عظيم الإحسان واسع الفضل والجود والامتنان وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد قال شداد بن عمرو إن الآخرة وعد صادق، يحكم فيها ملك قادر، وإن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، وإن السامع المطيع لا حجة عليه، وإن السامع العاصي لا حجة له، ولا تعدوا هذه الدنيا شيئا فإنها لا تبقي على أحد، ولا ترفضوها مع ذلك فإن الآخرة لا تنال إلا بها، والمرء ما عاش في الدنيا له أمل، إذا انقضى سفر منها أتى سفر، لها حلاوة عيش غير دائمة، وفي العواقب منها المر والصبر، وقال عبيد بن عمير يحذرنا من كثرة الدنيا وحسرة إقبالها ما كثر مال عبد إلا اشتد حسابه، ولا أكثر أتباعه إلا كثر شياطينه.

ولا زاد من السلطان قربا إلا زاد من الله بعدا، ومن هذا الخوف كان مسروق يقول إنما تحفة المؤمن حفرته، وقد جعل الله تعالي الدنيا عرضا عاجلا ومتاع غرور، وجعل الآخرة دار جزاء وثواب، وحف الدنيا بالشهوات وزينها بها، فأخبر سبحانه أن هذا الذي زين به الدنيا من ملاذها وشهواتها، وما هو غاية أماني طلابها ومؤثريها على الآخرة، هو سبعة أشياء، النساء اللاتي هن أعظم زينتها وشهواتها وأعظمها فتنة، والبنين اللذان بهم كمال الرجل وفخره وكرمه وعزه، والذهب والفضة اللذان هما مادة الشهوات على اختلاف أجناسها وأنواعها، والخيل المسومة التي هي عز أصحابها وفخرهم، وحصونهم، وآلة قهرهم لأعدائهم في طلبهم وهربهم، والأنعام التي منها ركوبهم وطعامهم ولباسهم وأثاثهم، وأمتعتهم وغير ذلك من مصالحهم.

والحرث الذي هو مادة قوتهم وقوت أنعامهم ودوابهم، وفاكهتهم وأدويتهم وغير ذلك، ثم أخبر الله سبحانه وتعالي أن ذلك متاع كله، متاع الحياة الدنيا، ثم شوق عباده إلى متاع الآخرة، وأعلمهم أنه خير من هذا المتاع وأبقى، ثم ذكر سبحانه من يستحق هذا المتاع، ومن هم أهله الذين هم أولى به، ولنتأمل قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ويل لمن كانت الدنيا أمله والخطايا عمله، عظيم بطنته، قليل فطنته، عالم بأمر دنياه، جاهل بأمر آخرته، وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنهم أجمعين إنك لن تنال عمل الآخرة بشيء أفضل من الزهد في الدنيا، واعلموا يرحمكم الله إن للإسلام أركان خمسة لا يمكن لأحد أن يدين به إلا من خلالها، وهي الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج.

فالأول وهو شهادة أن لا إله إلا لله، وأن محمدا رسول الله، ومعنى شهادة أن لا إله إلا الله أي لا معبود بحق في الأرض ولا في السماء إلا الله وحده، لا شريك له، ولا ند له، ولا ولد له، ولا صاحبة أى لا زوجة له، فهو الإله الحق، وكل إله غيره باطل، وهذا ما يطلق عليه عقيدة التوحيد ويظهر هذا المعنى فى سورة من أقصر سور القرآن ولكنها من أعظمها حيث يقول الله تعالى فى سورة الإخلاص ” قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد” بمعنى قل يا محمد لمن يسألون عن وصف ربك أن الله الذي تعرفونه، وتقرّون بأنه خالق السموات والأرض وخالقكم، الله أحد هو واحد متوحد بالإِلهية لا يشارك فيها، الله الصمد، وهو الذي يصمد ويحتاج إليه ويسأله كل مخلوق، ولا يستغنى عنه، وهو الغني عنهم، لم يلد، لأنه لا يجانس.

حتى يكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا، وقد دل على هذا المعنى بقوله فى سورة الأنعام” أنّى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة” ولم يولد، لأن كل مولود محدث وجسم، وهو قديم لا أول لوجوده وليس بجسم، ولم يكن له كفوا أحد، ولم يكافئه أحد، أى لم يماثله ولم يشاكله أحد، فيقتضي هذا الشق من الشهادة إخلاص العبادة لله وحده، ونفيها عما سواه، ولا تنفع قائلها حتى يتحقق فيه أمران، وهو أن قول لا إله إلا الله عن اعتقاد وعلم ويقين وتصديق بالمفهوم الذى أوردناه ومحبة، والكفر بما يعبد من دون الله، فمن قال هذه الشهادة ولم يكفر بما يعبد من دون الله، من بشر أو حجر أو ما دون ذلك لم ينفعه هذا القول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى