مقال

الفقراء يشتكون من الأغنياء …لماذا ؟

جريدة الأضواء

أتى الفقراء في يوم من الأيام إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشكون إليه من الأغنياء، عجباً،

الفقراء يشتكون من الأغنياء، لماذا؟ لماذا يشتكي الفقراء من الأغنياء؟ هل ظلموهم حقوقهم؟، كلا وحاشاهم، هل قصّروا في الإحسان إليهم؟ كلا وحاشاهم هل منعوهم صدقاتهم؟ كلا وحاشاهم، إذن ما هي شكاتهم، وما خبرهم، مع الأغنياء، حتى أصبح في نفوسهم هم وغم،

استمع إلى الشكاة، فإنها عجب من العجب، قالوا: “يا رسول الله! ذهب الأغنياء بالأجور والدرجات العلى؛ يصلّون كما نصلّي، ويصومون كما نصوم، ولكن لهم فضول أموال ليست لنا، فيتصدقون ولا نتصدق، ويجاهدون بأموالهم ولا نجاهد، يا رسول الله: سبقنا الأغنياء وقعدنا”.

هذا هو الهمّ، وهذه هي الشكاية، وهذه هي القضية التي تمزقت بها قلوب الفقراء، لم تحترق قلوبهم ولم يهتموّا لأن بيوت الأغنياء أعلى من بيوتهم، ولا لأن مطاعمهم ألذ من مطاعمهم، ولكن اهتمّوا واغتموا لما رأوا المسابقة في الخيرات، واستقبل النبي -صلى الله عليه وسلم- هذه الشكاة فكان بها حفياً، فقال: “ألا أدلكم على أمر إذا فعلتموه أدركتم به من سبقكم؟” قالوا: بلى يا رسول الله! فقال: “تسبِّحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين”.

وفرح الفقراء بهذه الهبة، فكانوا إليها مسارعين، وقاموا إليها مبادرين؛ فكانوا دُبر كل صلاة لهم دَوِيٌّ بالتسبيح والتحميد والتكبير.

وتلفت الأغنياء إلى الفقراء، فرأوهم ولهم بالذكر دَوِيٌّ ولَهَجٌ، فسارعوا إلى هذا الذكر فذكروا، ونظر الفقراء فإذا الأغنياء قد سابقوهم في هذه الطاعة، فرجعوا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: “يا رسول الله، سمع إخواننا بما قلت لنا ففعلوا كما نفعل”؟

الله أكبر –أيها المسلمون– إن هؤلاء الأغنياء ليسوا قاعدين عن المسابقة، إنهم لم تلههم أموالهم ولا غناهم عن المسارعة إلى الخير، ولم يشعروا في يوم من الأيام أنهم في غنى عن التقرب إلى الله، ولما قال الفقراء للرسول -صلى الله عليه وسلم- قال لهم: “ذلك فضل يؤتيه من يشاء”

الكاتبة دكتورة لبني يونس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى