مقال

يوم كان مقداره خمسين ألف سنة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن يوم كان مقداره خمسين ألف سنة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 10 ديسمبر

الحمد لله الذي زين قلوب أوليائه بأنوار الوفاق، وسقى أسرار أحبائه شرابا لذيذ المذاق، وألزم قلوب الخائفين الوجل والإشفاق، فلا يعلم الإنسان في أي الدواوين كتب ولا في أي الفريقين يساق، فإن سامح فبفضله، وإن عاقب فبعدله، ولا اعتراض على الملك الخلاق، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، إله عز من اعتز به فلا يضام، وذل من تكبر عن أمره ولقي الآثام، وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمدا عبد الله ورسوله، وصفيه من خلقه وحبيبه، خاتم أنبيائه، وسيد أصفيائه، المخصوص بالمقام المحمود، في اليوم المشهود، الذي جُمع فيه الأنبياء تحت لوائه، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسك بسنته، واقتدى بهديه، واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين.

ثم أما بعد يقول الله تعالي “تعرج الملائكة والروح إليه” ويقول ابن عباس والضحاك في هذه الآية هو النزول ألف سنة والصعود ألف سنة، مما تعدون أي مما تحسبون من أيام الدنيا، وهذا اليوم عبارة عن زمان يتقدر بألف سنة من سني العالم، وليس بيوم يستوعب نهارا بين ليلتين لأن ذلك ليس عند الله، والعرب قد تعبر عن مدة العصر باليوم، كما قال الشاعر يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تأويب، وليس يريد يومين مخصوصين وإنما أراد أن زمانهم ينقسم شطرين، فعبر عن كل واحد من الشطرين بيوم، وقرأ ابن أبي عبلة يعرج على البناء للمفعول وقرئ “يعدون” بالياء، فأما قوله تعالى “في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة” فمشكل مع هذه الآية، وقد سأل عبد الله بن فيروز الديلمي عبد الله بن عباس عن هذه الآية.

وعن قوله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فقال أيام سماها سبحانه، وما أدري ما هي ؟ فأكره أن أقول فيها ما لا أعلم، ثم سئل عنها سعيد بن المسيب فقال لا أدري فأخبرته بقول ابن عباس فقال ابن المسيب للسائل هذا ابن عباس اتقى أن يقول فيها وهو أعلم مني، ثم تكلم العلماء في ذلك فقيل إن آية سأل سائل هو إشارة إلى يوم القيامة، بخلاف هذه الآية، والمعنى أن الله تعالى جعله في صعوبته على الكفار كخمسين ألف سنة، قاله ابن عباس، والعرب تصف أيام المكروه بالطول وأيام السرور بالقصر، قال ويوم كظل الرمح قصر طوله، دم الزق عنا واصطفاق المزاهر وقيل إن يوم القيامة فيه أيام، فمنه ما مقداره ألف سنة ومنه ما مقداره خمسون ألف سنة، وقيل أوقات القيامة مختلفة، فيعذب الكافر بجنس من العذاب ألف سنة.

ثم ينتقل إلى جنس آخر مدته خمسون ألف سنة، وقيل مواقف القيامة خمسون موقفا كل موقف ألف سنة، فمعنى يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة أي مقدار وقت، أو موقف من يوم القيامة، وقال النحاس اليوم في اللغة بمعنى الوقت فالمعنى تعرج الملائكة والروح إليه في وقت كان مقداره ألف سنة، وفي وقت آخر كان مقداره خمسين ألف سنة وعن وهب بن منبه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال ما بين أسفل الأرض إلى العرش وذكر الثعلبي عن مجاهد وقتادة والضحاك في قوله تعالى “تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة” أراد من الأرض إلى سدرة المنتهى التي فيها جبريل، ويقول تعالى يسير جبريل والملائكة الذين معه من أهل مقامه مسيرة خمسين ألف سنة في يوم واحد من أيام الدنيا، وقوله “إليه “

يعني إلى المكان الذي أمرهم الله تعالى أن يعرجوا إليه، وهذا كقول الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام “إني ذاهب إلى ربي سيهدين” وهو أراد أرض الشام، وقال تعالى “ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله” أي إلى المدينة، وقال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم “أتاني ملك من ربي عز وجل برسالة ثم رفع رجله فوضعها فوق السماء والأخرى على الأرض لم يرفعها بعد”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى