مقال

أم البشر حواء ” جزء 1″

أم البشر حواء ” جزء 1″

بقلم / محمــــد الدكـــــرورى

 

إن نظرة الإسلام للمرأة والرجل قائمة على أساس التكامل، وليس المساواة أو الصراع بينهما، ألا يكفي قول الحق سبحانه وتعالي ” بعضكم من بعض” فالرجل والمرأة ليسا متساويين في التكوين والقدرات، وبالتالي يستحيل أن يتساويا في أداء الأدوار والوظائف، فمحاولة المساواة بين المختلفين نقص في العقل، وظلم في الحكم، فالعلاقة التكاملية بين الرجل والمرأة تحيط الأسرة بسياج أمني لحياتها المعيشية، وجوّ مخملي لطيف لحياتها النفسية والاجتماعية ، وإن المرأة ليست أقل ولا أكثر من الرجل في القيمة الإنسانية، ولا في المنزلة الإيمانية، فهما سواء في القيمة، فهي إنسان مكلف كالرجل تماما وهنا يقول الله عز وجل ” فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عامل عامل منكم من ذكر أو أنثي بعضكم بعض” وهذا هو عدل الإسلام، ورحمة الإسلام.

 

وحكمة الإسلام، وتدبروا القرآن فهو كتاب سماوي، ويقص لنا قصة أم البشر حواء عليها السلام، وقد وردت قصتها في عدة مواضع في سورة البقرة، والنساء والأعراف وطه، وإن الله عز وجل على كل شيء قدير، ولا أحد من المسلمين يشك في ذلك، فأراد الله أن يظهر قدرته لخلقه، فخَلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية البرية من ذكر وأنثى، ليعلم كل الخلق أن الخالق على كل شيء قدير، فالله تعالى خلق كل الخلق من نفس واحدة وهو آدم عليه السلام ثم خلق من آدم زوجه حواء، فحواء زوج آدم وأم الخلق أجمعين، وكان خلقها من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم، فأول البشرية آدم وحواء، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ” سميت حواء لأنها أم كل حي” وقيل لأنها خُلقت من شيء حي وهو آدم عليه السلام.

 

وعن ابن عباس وابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأخرج إبليس من الجنة حين لعن، وأسكن آدم الجنة، فكان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها، فنام نومة فاستيقظ، وإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه، فسألها من أنت؟ فقالت، امرأة قال ولم خلقت؟ قالت تسكن إليّ، قالت له الملائكة، نظرون ما بلغ علمه، ما اسمها يا آدم؟ قال حواء، قالوا ولم سُميت حواء؟ قال لأنها خلقت من شيء حيّ، وقال ابن عباس، سميت المرأة مرأة لأنها خلقت من المرء، وسميت حواء لأنها أم كل حي، فهذا الخبر يُنبئ أن حواء خُلقت بعد أن سكن آدم الجنة، فجعلت له سكنا، وقالوا أن سياق الآية يفيد أن حواء خُلقت قبل دخول آدم الجنة، فدخلت معه كما في قوله تعالى ” يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة” والله أعلم، وأنعم الله عليهما بدخول الجنة.

 

ومتعهما بها رغدا، فقال تعالي ” يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” فابتلاهما بنهيهما عن الأكل من شجرة خاصة، بل تأملوا الدرس البليغ في قوله ” ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين” فهذا دليل على الأخذ بسد الذرائع فنهاهما عن مجرد القرب منها، خشية المقصود وهو الأكل منها، ولذا لما وسوس لهما الشيطان اقتربا منها وأكلا فعلا وخدعهما الشيطان بغرور وأيمان ولذا قد يُخدع المؤمن إذا حُلف له بالله وأوهمه الحالف أنه ناصح له، فالشيطان ما زال بهما يزخرف القول ويغريهما ويقسم الأيمان المغلظة حتى أوقعهما، وقيل أبَى آدم أن يأكل منها، فتقدمت حواء فأكلت، ثم قالت يا آدم كل، فإني قد أكلت فلم يضرّني، فلما أكل آدم بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة.

 

فزينت حواء لآدم الأكل من الشجرة، وقيل أن آدم هو الذى أكل قبل حواء، وقالوا وكان آدم وحواء في جوار الله، وفي داره ليس لهما رب غيره، ولا رقيب دونه، يأكلان منها رغدا، ويسكنان منها حيث شاءا وأحبا ، فأتاهما الشيطان في صورة غير صورته، فقام عند باب الجنة فنادى حواء يا حواء، فأجابته هي وآدم فقال ما أمركما به ربكما، وما نهاكما عنه؟ قالا أمرنا أن نأكل من شجر الفردوس كله غير هذه الشجرة التي في وسط الفردوس كيلا نموت، وقال إبليس فإن الله قد علم أنكما لستما تموتان، ولكن علم أنكما حين تأكلان من هذه الشجرة فتكونان ملكين يعلمان الخير والشر فحسدكما على ذلك، وإني أقسم لكما، يا آدم وحواء، إني لكما لمن الناصحين، إنها شجرة الخلد، من أكل منها لم يمت، وأيكما أكل قبل صاحبه، كان هو المسلط على صاحبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى