مقال

قيمة النيل وضمان جريانه

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن قيمة النيل وضمان جريانه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 10 ديسمبر 2023

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وصلى الله وسلم على عبدالله ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إن في أرض مصر الوادي المقدس طوى، وفيها الجبل الذي كلم الله تعالى فيه موسى عليه السلام، وفيها الجبل الذي تجلى الله عز وجل له فانهدّ دكا، وهي مبوّأُ الصدق الذي قال الله تعالى عنه في سورة يونس ” ولقد بؤأنا بني إسرائيل مبؤأ صدق” ولم يكتفي الرسول صلى الله عليه وسلم بمدح مصر وأهلها بل أمر بالإحسان حتى إلى أقباطها، فقال صلى الله عليه وسلم “اللهَ الله في قبط مصر فإنكم ستظهرون عليهم، ويكونون لكم عدة وعونا في سبيل الله” رواه الطبراني، وكما أن السيدة هاجر زوجة الخليل إبراهيم عليهما السلام، وهي أم نبي الله إسماعيل جدّ نبينا الكريم محمد عليه الصلاة والسلام.

وهي مصرية من القبط، ومارية أم ولده إبراهيم مصرية أيضا ولذلك قال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما “قبط مصر هم أخوال قريش مرتين” وقال النبي صلى الله عليه وسلم “إنكم ستفتحون مصر، أحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما” رواه مسلم، فهي وصية للأمة كلها، فعلى كل من تعامل مع المصريين أن يحسن إليهم، وأن يكرمهم وأن يعرف قدرهم، وأن يقف معهم عند حاجتهم، وأن ينصرهم عندما يؤذون وأن الهدية إليهم من أفضل الهدايا، ولم يذكر الله تعالى قصة نهر في القرآن إلا نهر النيل، فقال تعالي في سورة القصص ” وأوحينا إلي أم موسي أن أرضعية فإذا خفتي عليه فألقيه في اليم” وقال الكندي “لا يُعلم بلد في أقطار الأرض أثنى الله عليه في القرآن بمثل هذا الثناء، ولا وصفه الله بمثل هذا الوصف.

ولا شهد له بالكرم، غير مصر” فقد وصّى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الأمة كلها بمصر وبأهلها، فقال صلى الله عليه وسلم “إذا افتتحتم مصر فاستوصوا بالقبط خيرا فإن لهم ذمة ورحما” وفي رواية “فإن لهم ذمة وصهرا” رواه مسلم، وإن حصة مصر من مياه النيل، تقدر بخمس وخمسين ونصف المليار متر مكعب، وتعتمد عليها بنسبة أكثر من تسعين في المائة في الشرب والزراعة والصناعة، ومن هنا نفهم الموقف المصري الصلب والغاضب، من انفراد إثيوبيا، حسب الموقف المصري المدعوم من الجامعة العربية، ما عدا السودان، بالتصرف بمياه النيل، وكأن إثيوبيا، من خلال تخزين المياه في سد النهضة، على عكس المتفق عليه، تقدم نفسها بوصفها سيدة النيل، بيان الجامعة العربية المؤيد تحدث عن مصر وحقوقها التاريخية في مياه النيل.

وأن واشنطن رعت الحوار بين مصر وإثيوبيا، لكن الأخيرة اتهمت أميركا بالانحياز لمصر، وعليه وصلت الأمور إلى هذا المضيق الحرج اليوم، ولكن هل تصمت مصر، وتلين، في أزمة النيل وسد النهضة؟ ولنقترب أكثر من حساسية هذه القضية مصريا، أتذكر في بدايات الأزمة، أن قد دعت نقابة الأئمة في مصر، خطباء الجوامع لتوحيد إحدى خطب الجمعة، لإبراز فضائل النيل، منبهين إلى النصوص الدينية الواردة في مدح النيل، ولمعرفة قيمة النيل وضمان جريانه لأمن مصر، كانت قضية معروفة عبر التاريخ، حاول الأعداء العمل عليها فإن أعظم الحملات البرتغالية، ذات الروح الصليبية، على بحار العرب، هي حملة القائد البرتغالي الكبير ألفونسو البوكيرك، ومن أعظم فصول هذه الحملة اجتياز البوكيرك بأسطوله باب المندب.

بمدخل البحر الأحمر، بعد ضرب عدن وغيرها، مزمعا الوصول لجدة، ثم المدينة النبوية، ومهاجمة مسجدها الأعظم، ويحدثنا التاريخ أن الجزار البرتغالي هذا كان يعتزم غزو الهضبة الحبشية، وحبس النيل عن مصر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى