مقال

أعظم ما تشغل به وقتك

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أعظم ما تشغل به وقتك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 13 ديسمبر

الحمد لله رب العالمين وأصلي وأسلم على خاتم النبيين محمد بن عبد الله الصادق الأمين وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد لقد ضرب لنا المربى العظيم محمد صلى الله عليه وسلم مثلا عمليا في التدريب العملي للأبناء على إتقان العمل، فعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلام يسلخ شاة، فقال له ” تنحي حتى أريك فإني لا أراك تحسن تسلخ” فأدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين الجلد واللحم فدحس بها مدّها حتى توارت على الإبط، وقال “هكذا يا غلام فاسلخ” ثم انطلق فصلى ولم يتوضأ ولم يمس ماء” رواه ابن حبان، فلم يستنكف ولم يستكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقف مع الغلام ويساعده في عمله ويسهّل له ما شق عليه.

ويعلمه ما خفي عليه من إتقان السلخ، إنها يقظة المعلم وإحساس المربى بمسئولية الإرشاد والتقويم الدائم المباشر، في كل وقت وعمل، فما أجمل أن يتخلق المجتمع بهذا الخلق القويم النبيل خلق إتقان العمل وجودته، حتى يتحقق الأمن والرخاء والسلام والمودة، وتزداد الثقة والروابط الاجتماعية بين أفراد المجتمع، وخاصة في السلوك الاقتصادي، واعلموا يرحمكم الله أنه لا بد أن يكون للمسلم علم بالأعمال التي نص الشارع على فضلها، وأنها أفضل من غيرها، وإن من أعظم ما تشغل به وقتك، هو الدعوة إلى الله عز وجل وهو أن تعلم الناس العلم الذي تعلمته وأن يكون منهج حياتك هو قول الحق سبحانه وتعالي كما جاء في سورة يوسف ” قل هذه سبيلي أدعوا إلي الله علي بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين”

وقد تقول ليس عندي علم كثير؟ فأقول لك يقول النبي صلى الله عليه وسلم “بلغوا عني ولو آية” فقد أثنى الله تعالى على التابعين في كتابه الكريم بعد ثنائه على الصحابة الكرام، فقال تعالى في سورة التوبة ” والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم” وقوله تعالى في سورة الجمعة ” وآخرين منهم لما يلحقوا بهم” فاشتملت الآيات المباركات على أبلغ الثناء من الله رب العالمين على السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، والتابعين لهم بإحسان، فالذين اتبعوا السابقين بإحسان يشاركونهم في الخير حيث أخبر تعالى أنه رضي عنهم ورضوا عنه وبما أكرمهم به من جنات النعيم .

وقيل أنه عندما ذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الطواف حول الكعبة، قام بتقبيل الحجر الأسود وذلك لأن الفاروق رأى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وقال والله لولا أني رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم لما فعلت، إنني أعلم بأنك حجر أصم لا تنفع ولا تضر، ولكنه فعل ذلك استحسانا للناس فمن وصل إليه قبّله ومن وصل إليه ولم يستطع تقبيله عليه بلمسه، وفي ذلك أراد عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يعلم الناس اتباع السنة النبوية، وعدم مخالفة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأن اتباع السنة النبوية واجب على كل مسلم، أما الحكمة الأخرى فهي أراد أن يعلمنا بأنه لا بد من اتباع السنة النبوية حتى دون أسباب، ولكن علينا أتباع السنة من قول وعمل وفعل.

فهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم وهكذا علينا أن نتبع سنته عليه أفضل الصلاة والسلام، فتقبيل الحجر الأسود ما هو إلا اتباع للسنة النبوية الشريفة وليس تشبها بما يفعله الكفار مع الأصنام لعبادتها، أي كما يفعل المشركون من تعظيم للأوثان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى