مقال

الرحمة والرأفة بالآخرين

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الرحمة والرأفة بالآخرين
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 13 ديسمبر

الحمد لله وفق من شاء للإحسان وهدى، وتأذن بالمزيد لمن راح في المواساة أو غدا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة نرجو بها نعيما مؤبدا، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله أندى العالمين يدا وأكرمهم محتدا، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أهل التراحم والاهتدا وبذل الكف والندى، ومن تبعهم بإحسان ما ليل سجى وصبح بدا، وسلم تسليما سرمدا أبدا، أما بعد إن من عجيب صور الرحمة بالحيوان في هدي النبي صلى الله عليه وسلم هو تحريم لعنه إياه، فعن أبي برزة رضي الله عنه قال كانت ‏راحلة‏ ‏أو ناقة أو بعير ‏عليها بعض متاع القوم وعليها ‏ ‏جارية، ‏فأخذوا بين جبلين فتضايق بهم الطريق، فأبصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏فقالت ‏حل،‏ ‏حل، ‏‏اللهم العنها.

فقال النبي ‏‏صلى الله عليه وسلم “من صاحب هذه ‏ ‏الجارية؟‏ ‏لا تصحبنا ‏‏راحلة ‏أو ناقة أو بعير عليها من لعنة الله تبارك وتعالى” رواه أحمد، وهكذا كانت حياته صلى الله عليه وسلم كلها رحمة، شملت الصغير والكبير، والمؤمن والكافر، بل حتى البهائم التي لا تعقل، وهو القائل صلى الله عليه وسلم “الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك و تعالى، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” رواه أبو داود، وكلما قلبت النظر في سيرة وشمائل الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم تجد الكمال في أخلاقه، والسمو في تعاملاته، فكمالات خُلقه صلى الله عليه وسلم آية كبرى، وعلم من أعلام نبوته، وقد مدحه الله عز وجل بقوله تعالي ط وإنك لعلي خلق عظيم” ومن الكمال الخُلقي الذي تحلى به رسول الله صلى الله عليه وسلم خُلق الرحمة والرأفة بالغير.

فقد وهبه الله قلبا رحيما يرق للضعيف، ويحن على المسكين، ويعطف على الناس أجمعين، حتى صارت الرحمة له طبعا، فشملت الصغار والكبار، والمؤمنين والكفار، والخدم والعبيد، وقد تجلّت مظاهر رحمته صلى الله عليه وسلم بالخدم والعبيد أن جعل لهم حقوقا، وأمر بالرفق بهم، بل وحث على تحرير العبيد من رقهم، وإذا تتبعنا التوجيهات والتوصيات التي أوصى بها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم بهم، فسنعرف مقدار الاهتمام الذي حازته هذه الفئة من المجتمع، في وصايا النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ساهمت هذه الوصايا بشكل كبير في تحرير العبيد، ومن ثم وقفت قيادات قريش في وجه النبي صلى الله عليه وسلم ودينه الذي يدعو إلى تحرير العبيد، وينادي بالمساواة بينهم وبين السادة.

ولقد اهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعبيد في حياته وأوصى بهم خيرا حين موته، فعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال “كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة الصلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم” رواه أحمد، وكما حذر النبي صلى الله عليه وسلم من ضرب العبد أو إيذائه، فعن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال “كنت أضرب غلاما لي، فسمعت من خلفي صوتا، اعلم أبا مسعود لله أَقدر عليك منك عليه، فالتفت فإذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت يا رسول الله، هو حر لوجه الله، فقال صلى الله عليه وسلم “أما إنك لو لم تفعل للفحتك النار أَو لمستك النار” رواه مسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى