مقال

الطريق إلي القمة

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الطريق إلي القمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 23 ديسمبر

الحمد لله ري العالمين شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، فلم يجدوا حرجا في الاحتكام إلى شريعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد إن من وفقه الله تعالي للعمل الصالح في آخر عمره وفي آخر ساعة من الأجل فقد كتب الله له حسن الخاتمة، ومن خذله الله تعالي فختم ساعة أجله بعمل شر، وذنب يغضب الرب، فقد ختم له بخاتمة سوء والعياذ بالله، وقد حثنا الله تعالى وأمرنا بالحرص على نيل الخاتمة الحسنة، والسعي لحسن الخاتمة هو غاية الصالحين، وهمة العباد المتقين، ورجاء الأبرار الخائفين، وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال.

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه حيث يشاء” ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك” رواه مسلم، فمن وفقه الله لحسن الخاتمة فقد سعد سعادة لا يشقى بعدها أبدا، ولا كرب عليه بعد ذلك التوفيق، ومن ختم له بسوء الخاتمة فقد خسر في دنياه وأُخراه، وإن الصالحون تعظم عنايتهم بالأعمال الصالحة السوابق للخاتمة، كما أنهم يجتهدون في طلب الخاتمة الحسنة فيحسنون الأعمال، ويحسنون الرجاء والظن بالله تعالى، ويسيئون الظن بأنفسهم، ومن صدق الله في نيته وعمل بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واتبع هدي أصحابه فقد جرت سنة الله تعالى أن يختم له بخير وأن يجعل عواقب أموره إلى خير.

واعلموا يرحمكم الله إن طريق القمة ليس مفروشا بالورود، لكنه يصل بالسالكين إلى أجمل الورود، وأزكى الرياحين، وأنضج البساتين، على جنباته أنوار، وفي طياته إيمان وأسرار، طريق إلى السمو والعلو، على مرتاديه أن يُغيروا ما بأنفسهم؛ حتى يغيّر الله ما بهم، ويحفظوا ربهم فيحفظهم، ويدعوه فيستجيب لهم، ويسألوه فيعطيهم، أن يصبروا ويصابروا ويرابطوا فيصلوا إلى بغيتهم، إنه طريق الواثقين المتقين، أما المنافقون، فهم في الدنيا متسلقون ومخادعون ” إن المنافقين يخادعون الله وهو خادغهم” وحيثيات الخداع ” وإذا قاموا غلي الصلاة قاموا كسالي يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا” وإن من عوامل الفسق هو التسفل والانحطاط، فيقل الله عز وجل ” يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون”

وإنهم في الآخرة سافلون، لهم في جهنم دركات، ليست كدرجات المؤمنين في الجنة، كيف؟ فيقول تعالى “إن المنافقين فى الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا” وإن قيام الليل عبادة عظيمة، وسنة جليلة، وصفة كريمة، من اتصف بها كان من الفائزين السعداء، ومن تحلى بها كان من المتقين النبلاء، لأنه لا يقدر عليها إلا الموفق الكريم، الذي زكت نفسه، وصفت طويته، وطهرت سريرته، واستقامت علانيته، لذلك وصف الله بها عباده الأخيار الأتقياء، والصالحين من عبادة الأتقياء، الذين اختصهم الله لنفسه وأنعم عليهم سبحانه بعبوديته، وقال الإمام الحسن البصري يعني لا ينامون من الليل إلا قليلا، فهم يكابدون الليل في القيام والركوع والسجود، ومع ذلك يختمون هذه العبادة بالاستغفار.

سبحان الله وقدوتهم في ذلك سيدهم محمد صلى الله عليه وسلم، حيث كان صلى الله عليه وسلم يقوم الليل حتى تتفطَّر قدماه، وجعل الحق جل جلاله المقام المحمود مقرونا بقيام الليل، وهذا يدل على عظيم ما في القيام، لذا قال بعض العلماء عجبت من الليل كيف جعل الله عز وجل فيه هذه الخيرات العظيمة ومع ذلك غفل عنه كثير من الناس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى