مقال

سعيد بن جبير الأسدي ” جزء 1″

سعيد بن جبير الأسدي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

هو سعيد بن جبير بن هشام الأسدي، وهو الإمام، الحافظ المقرئ المفسر سعيد بن جبير بن هشام، أبو محمد، ويقال هو أبو عبد الله، وكان مولى لبني والبة بن الحارث من بني أسد ابن خزيمة، فعنه قال، قال لي ابن عباس رضي الله عنهما ممن أنت؟ قلت من بني أسد، قال من عربهم أو من مواليهم؟ قلت لا بل من مواليهم، قال فقل أنا ممن أنعم الله عليه من بني أسد، أي أن سعيدا بن جبير رحمه الله لم يكن عربي الأصل، وقيل إن سعيد بن جبير كان أسود لون البشرة فهو حبشي الأصل والمعروف عن الأحباش أنهم أصحاب بشرة سوداء، وقيل إنه كان أبيض شعر الرأس واللحية، وتقول الروايات إن سعيد سُئل ذات يوم عن الخضاب أي الصبغ بالوسمة فقال يكسو الله العبد النور في وجهه ثم يطفئه بالسواد، فالصبغ يكون بالأحمر أو بالحناء، ويكره الصبغ بالسواد.

 

وقيل إن سعيد كان يرتدي عمامة بيضاء، وكان تقيا ورعا يخشى الله تعالى، ويحافظ على حدود الله تعالى، وخير دليل على هذه الصفات هو قصة موته، فقد مات على يد الحجاج في سبيل كلمة الحق، ومما عُرف عن سعيد بن جبير رحمه الله أنه كان عابدا قواما، فعن أصبغ بن زيد قال كان لسعيد بن جبير ديك كان يقوم من الليل بصياحه، فلم يصح ليلة من الليالي حتى أصبح، فلم يصلى سعيد تلك الليلة، فشق عليه، فقال ما له قطع الله صوته؟ فما سُمع له صوت بعدها، فقالت أمه يا بنى لا تدع على شيء بعدها، وكان يقول سعيد بن جبير رحمه الله التوكل على الله عز وجل جماع الإيمان، والخشية أن تخشى الله حتى تحول خشيته بينك وبين معصيته، فتلك الخشية، والذكر طاعة الله، ومن أطاع الله فقد ذكره، ومن لم يطع الله فليس بذاكر وإن أكثر التسبيح وتلاوة الكتاب.

 

وأظهر اليأس مما في أيدي الناس فإنه عناء، وإياك وما يُعتذر منه فإنه لا يعتذر من خير، ويقول هلال بن خباب خرجت مع سعيد بن جبير في أيام مضين من رجب، وأحرم من الكوفة بعمرة ثم رجع من عمرته، ثم أحرم بالحج في النصف من ذي القعدة، وكان يخرج كل سنة مرتين مرة للعمرة ومرة للحج، وعن هلال بن يساف قال دخل سعيد بن جبير الكعبة فقرأ القرآن في ركعة، وإن مما أثر عن سعيد بن جبير رحمه الله خوفه وخشيته، وقد كان ذكر الموت لا يفارقه، فيقول لو فارق ذكر الموت قلبي خشيت أن يفسد علي قلبي، وعنه قال الدنيا جمعة من جُمع الآخرة، وكان سعيد بن جبير رحمه الله من المكثرين في رواية الحديث، وقد روى عن ابن عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وأبي سعيد رضي الله عنهم، وطائفة أخرى، وعن مجاهد قال.

 

قال ابن عباس رضي الله عنهما لسعيد بن جبير رحمه الله حدث، فقال أحدث وأنت هاهنا؟ فقال أوليس من نعمة الله عليك أن تتحدث وأنا شاهد، فإن أصبت فذاك، وإن أخطأت علمتك” وعن مؤذن بني وادعة قال دخلت على عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وهو متكئ على مرفقة من حرير، وسعيد بن جبير عند رجليه وهو يقول له انظر كيف تحدث عني فإنك قد حفظت عني حديثا كثيرا، وقد أخذ سعيد بن جبير رحمه الله العلم عن كثير من الصحابة رضوان الله عليهم، غير أنه كان ملازما لترجمان القرآن وحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فتعلم منه القرآن والتفسير والحديث، وعن سعيد بن جبير قال ربما أتيت ابن عباس رضي الله عنهما فكتبت في صحيفتي حتى أملأها، وكتبت في نعلي حتى أملأها، وكتبت في كفي.

 

وعنه قال كنت آتي ابن عباس رضي الله عنهما فأكتب عنه، وكان ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما يشهدان له بنبوغه وضلوعه في العلم، فعن جعفر بن أبي المغيرة قال كان ابن عباس رضي الله عنهما بعد ما عمي إذا أتاه أهل الكوفة يسألونه قال تسألوني وفيكم ابن أمّ دهماء؟ قال يعقوب يعني سعيد بن جبير، وعن سعيد بن جبير رحمه الله قال “جاء رجل إلى ابن عمر رضي الله عنهما فسأله عن فريضة فقال ائت سعيد بن جبير، فإنه أعلم بالحساب مني، وهو يفرض منها ما أفرض، وقال سعيد رحمه الله قرأت القرآن في ركعة في البيت الحرام، وقال إسماعيل بن عبد الملك كان سعيد بن جبير يؤمّنا في شهر رمضان فيقرأ ليلة بقراءة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وليلة بقراءة زيد بن ثابت رضي الله عنه وليلة بقراءة غيره، هكذا أبدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى