مقال

للإبن على والده حق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن للإبن على والده حق
بقلم / محمـــد الدكــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إليه إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، المتحقق بكمال الأوصاف، عفيف اللسان، فائق الحنان، سريع الانعطاف، سامق القمم، متعدد الهمم، موطأ الأكناف، عظيم خُلقه، وحي نطقه، جعل رزقه تحت ظل الرمح والأسياف، وطيء الفراش، بسيط اللباس، عيشه الكفاف، مركبه البعير، سريره الحصير، يلبس النعل والخفاف، بالقناعة قد أمر، وبالزهد قد اشتهر، وما امتلأت بطعامه الصحاف، محسن إذا أسر، عفوّ إذا قدر، لا ينقض الأحلاف، ابتُلي بفقد الأولاد فصبر، ورحب بالموت إذ حضر، كأنه يوم الزفاف، كلامه در منظوم، ولمساته تسعد المحروم، وريقه شهد صاف، حوضه زلال ورواء، وكأسه سلسل وشفاء، وشفاعته للجمع إسعاف، سيد الكل والجميع.

وأول متكلم وشفيع، ليس في ذا شك ولا خلاف، أمرنا بالصلاة والسلام عليه، والتأدب في الوقوف بين يديه، وغضّ الصوت بلا استخفاف، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الأشراف، فوق ما خطه قلم مادح أو أضاف، وكلما سعى عبد إلى البيت أو طاف، وطالما كان في الكون أضواء وأطياف، ثم أما بعد لقد تميزت الشريعة الإسلامية بأنها أعطت لكل شخص حقوقه ووازنت بين تلك الحقوق، مع عدم إغفال أي حق، وشملت كل جوانب الحياة الإنسانية، ومن ذلك حقوق الآباء والأبناء التي وضحتها الشريعة الإسلامية بدقة، ومنعت العقوق من الآباء والأبناء، دون إفراط أو تفريط، وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلا جاء إليه بابنه فقال إن ابني هذا يعقني.

فقال عمر رضي الله عنه للإبن أما تخاف الله في عقوق والدك، فقال الإبن يا أمير المؤمنين، أما للإبن على والده حق؟ قال نعم، حقه عليه أن يستنجب أمه ويعني لا يتزوج امرأة دنيئة لكيلا يكون للإبن تعيير بها، وحسن اسمه ويعلمه الكتاب، فقال الابن فوالله ما استنجب أمي، ولا حسن اسمي، سماني جُعلا، ولا علمني من كتاب الله آية واحدة، فالتفت عمر رضي الله تعالى عنه إلى الأب وقال تقول ابني يعقني؟ فقد عققته قبل أن يعقك، وهذه القصة تحكي عن حكمة وعدل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التعامل مع شكوى رجل جاء بها إليه، وتعلمنا من هذه القصة عدة دروس وعبر، منها أن الأبناء لهم حقوق على آبائهم وأمهاتهم، ومن هذه الحقوق، هو العناية بهم والتربية الحسنة.

وتعليمهم الخلق الحسن والعلم والدين، وعدم الوفاء بحق الابن على الأب والأم يؤثر سلبا على نمو الابن وتربيته، ويمكن أن يؤدي إلى تدهور حاله وتعرضه للإعاقة النفسية، وأن الأبناء لا يتحملون مسؤولية الخطايا والأخطاء التي يرتكبها آباؤهم وأمهاتهم، ولا يجب أن يتعرضوا للتعيير بسبب ذلك، وإن الحكماء يتعاملون مع الشكاوى والمشكلات بحكمة وعدل، ويحاولون الوصول إلى الحقيقة وإيجاد الحلول العادلة والمناسبة للجميع، وكما أن التعليم والتربية الحسنة هي أساس نمو الإنسان وتطوره، ويجب على الآباء والأمهات الاهتمام بهذا الجانب والعمل على تحقيقه بكل الوسائل الممكنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى