مقال

الجيران على عهد رسول الله

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الجيران على عهد رسول الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 8 يناير 2024

الحمد لله العفو الغفور، لا تنقضي نعمه، ولا تحصى على مر الدهور، وسع الخلائق حِلمه مهما ارتكبوا من شرور، سبقت رحمته غضبه من قبل خلق الأيام والشهور، يتوب على من تاب ويغفر لمن أناب ويجبر المكسور، نحمده تبارك وتعالى حمد القانع الشكور، ونعوذ بنور وجهه الكريم من الكفر والفجور، ونسأله السلامة مما يُورث الملالة أو النفور، ونرجوه العصمة فيما بقي من أعمارنا، وأن ينور قلوبنا والقبور، وأشهد أن لا إله إلا الله جعل الظلمات والنور، خلق سبع سموات طباقا ما ترى فيها من تفاوت أو فطور، أنزل من السماء ماء فمنه أنهار وآبار وبحور، وفي الأرض قطع متجاورات منها الخصبة ومنها البور، جعل الليل لباسًا والنوم سباتًا وفي النهار نشور، ميز الأشياء بأضدادها فبالظل عُرف الحرور.

ولولا الأعمى ما اعتبر البصير، ولولا الحزن ما عُرف السرور، ولولا السقيم ما شكر السليم، ولولا السَّفه ما مُدح للعقل حضور، ولولا القحط ما طلب الرخاء، ولولا الخوف ما كان للأمان ظهور، ولولا الظلم ما كان للعدل فضيلة، ولولا الفسق ما كان للطائعين أجور، ولولا القبح ما مُدح الجمال ولولا الحمائم ما توحّشت الصقور، ولولا النقص ما عُرف الكمال ولولا الجبن ما انتصر الجَسُور، ولولا الطمع ما رجونا، ولولا الخوف ما انتهينا، ولولا الله ما اهتدينا، وإلى الله ترجع الأمور، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خيرة خلقة وحبيبه صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد لقد كان الجيران على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناوبون في تعلم العلم من النبي صلى الله عليه وسلم ثم يأتي أحدهم جاره، فيعلمه ويخبره بخبر الوحي.

ثم يفعل جاره معه مثل ذلك فقد أخرج البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال “لم أزل حريصا على أن أسأل عمر عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتين قال الله تعالى عنهما، كما جاء في سورة التحريم ” إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ” حتى حج عمر وحججت معه، فلما كان ببعض الطريق، عدل عمر وعدلت معه بالإداوة، فتبرّز، ثم أتاني فسكبت على يده، ثم توضأ، فقلت يا أمير المؤمنين، مَن المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى عنهما” إن تتوبا إلي الله فقد صغت قلوبكما ” فقال عمر واعجبا لك يا ابن عباس؟ هي حفصة وعائشة ” ثم أخذ يسوق الحديث، قال كنا معشر قريش قوما نغلب النساء، فلما قدمنا المدينة، وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم.

وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي، وكان لي جار من الأنصار، وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل يوما وأنزل يوما، فيأتيني بخبر الوحي وغيره، وآتيه مثل ذلك” فهكذا شرعت الحدود، وهكذا ينبغي أن تكون نية الوالي في إقامتها، فإنه متى كان قصده صلاح الرعية والنهي عن المنكرات، بجلب المنفعة لهم، ودفع المضرة عنهم، وابتغى بذلك وجه الله تعالى، وطاعة أمره ألان الله له القلوب، وتيسرت له أسباب الخير، وكفاه العقوبة البشرية، وقد يرضى المحدود، إذا أقام عليه الحد، وأما إذا كان غرضه العلو عليهم، وإقامة رياسته ليعظموه، أو ليبذلوا له ما يريد من الأموال، انعكس عليه مقصوده، ولهذا قال عثمان بن عفان رضي الله عنه، إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن.

أي يمنع بالسلطان باقتراف المحارم، أكثر ما يمنع بالقرآن لأن بعض الناس ضعيف الإيمان لا تؤثر فيه زواجر القرآن، ونهي القرآن لكن متى علموا أن هناك عقوبة من السلطان، ارتدعوا، وخافوا من عقوبة السلطان لئلا يفتنهم، أو يضربهم، أو ينفيهم من البلاد، فهم يخافون ذلك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى