مقال

أصدق الناس وأخشى الناس

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أصدق الناس وأخشى الناس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 14 يناير 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا أما بعد يأتي رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم والحديث عند البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك وغيره، فيقف على المنبر يوم الجمعة يخطب الناس، لكن بكلام يحيي به الله القلوب، فهو أصدق الناس، وأخشى الناس وأعلمهم وأخلصهم، يتكلم في خطبة الجمعة، وكان ذاك الجو صائفا شديد الحر، السماء ترسل أشعتها كالنار، ليس في السماء سحاب ولا غيم، والناس في قحط لا يعلمه إلا الله، وبينما هو في أثناء الخطبة صلى الله عليه وسلم إذا بأعرابي يدخل من باب نحو دار القضاء، وهو باب من أبواب المسجد.

فيقطع هذا الأعرابي خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول ” يا رسول الله ضاع المال، وجاع العيال، وقحطنا، فادع الله أن يغيثنا، فقطع صلى الله عليه وسلم الخطبة مباشرة ورفع يديه، وقال اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا قال أنس بن مالك راوي الحديث والله ما في السماء من سحاب ولا قزعة، وما بيننا وبين سلع شيء، فثارت من وراء سلع سحابة صغيرة كالترس، والترس مجن يحمله المقاتل يحميه من ضربات السيوف، فانتشرت كالجبال على سماء المسجد وسماء المدينة، ثم أبرقت وأرعدت وأمطرت بإذن الواحد الأحد، فوقع الغيث على المسجد، فخر الماء على الخطيب صلى الله عليه وسلم، وأخذ الماء يتحدر على لحيته، وهو يتبسم ويقول ” أشهد أني رسول الله” ونقول له نشهد أنك رسول الله.

وأنك بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، وأنك أخرجت القلوب من ربقة التقليد والتبعية والخرافة والوثنية، وأحييت أمة، ورفعت للعدل منبرا، وأنك سللت للإسلام سيفا، فصلى الله عليك وسلم تسليما كثيرا، ويستمر الغيث أسبوعا كاملا، وتسيل الأودية، ويأتي ذاك الأعرابي أو غيره في الجمعة الأخرى، والرسول صلى الله عليه وسلم يخطب في الناس والغيث ينزل والمطر يواصل، فيقطع خطبته مرةً ثانية، ويقول يا رسول الله جاع العيال، أي جاعوا من كثرة الأمطار، قبل أسبوع جاعوا من القحط والجدب والجوع، واليوم جاعوا من الحصار الذي أحدثه المطر بإذن الله فأصبحوا في البيوت قال وتقطعت السبل، وضاع المال، فادع الله أن يرفع عنا الغيث، فتبسم صلى الله عليه وسلم، وقال بعض أهل العلم تبسم إما للموافقة.

لأن هذا الأعرابي يقطعه مرتين في موقفين، وقيل تبسم صلى الله عليه وسلم من قلة صبر الناس، ما صبروا على الجوع والظمأ، وما صبروا على استمرار المطر والغيث، فيرفع صلى الله عليه وسلم كفيه الشريفتين، فهل يقول يا رب ارفع عنا الغيث؟ لا، هل النبي صلى الله عليه وسلم يدعو برفع الغيث؟ لا، الرحمة لا يطلب أن ترفع مهما نزلت، فهي بركة وخير ونور، فقال “اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الظراب والآكام، وبطون الأودية ومنابت الشجر” قال أنس بن مالك رضي الله عنه والله ما أشار صلى الله عليه وسلم إلى مكان إلا أخذ المطر والغيث ينحاز إلى ذاك المكان، وخرج الصحابة والمدينة في مثل الجوبة كأن عليها ثوبا مفصلا، أما المدينة فشمس وهواء طلق ونسيم عليل.

وأما حولها فأمطار غزيرة وسيول جارفة، فإنه برهان على رسالته الخالدة، وهذا القصص يغرس الإيمان في القلوب حتى يصبح كالجبال، وأحسن القصص سيرته صلى الله عليه وسلم وما صح عنه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى