مقال

القسوة على الحيوان والإستهانة بآلامه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن القسوة على الحيوان والإستهانة بآلامه
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 30 يناير 2024

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد ينطلق الهدي النبوي للرحمة بالحيوان في توازن يجمع بين منفعة الإنسان، وبين الرحمة والرفق، فيأمر برحمة الحيوان وعدم القسوة معه، ولا يتجاهل احتياجات الإنسان الغذائية والمعيشية التي تتطلب الانتفاع به، ومن ثم فلا يسمح بالعبث بالحيوانات أو إيذائها أو تكليفها ما يشق عليها، ولا يوافق على قول بعض جماعات الرفق بالحيوان المعاصرة التي تدعو إلى منع قتل الحيوانات بالكلية، تذرعا بالرفق معها وحماية حقوقها، ولقد شدد النبي الكريم صلى الله عليه وسلم المؤاخذة.

على من تقسو قلوبهم على الحيوان ويستهينون بآلامه، وبين أن الإنسان على عظم قدره وتكريمه على كثير من الخلق، فإنه يدخل النار في إساءة يرتكبها مع الحيوان، فقد دخلت النار امرأة في هرّة، حبستها فلا هي أطعمتها ولا هي أطلقتها وفي المقابل دخلت الجنة امرأة بغي في كلب سقته، فشكر الله تعالى لها فغفر لها، والهرة مثال على الحيوان الذي يدخل في حكم الإنسان، ولهذا فهذا الحكم ينسحب على ما كان في معناها من الدواب، ويزداد التشديد في حالة الحيوانات النافعة إذ هي مملوكة محبوسة مشغولة بمصالح المالك حتى مالك النحل يجب عليه أن يُبقي له شيئا من العسل في الكوارة أي خلية النحل بقدر حاجته إن لم يكفه غيره، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان أهل البيت من الأنصار لهم جمل يسنون عليه.

وأنه استصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا إنه كان لنا جمل نسني عليه، أي نستقي عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره، وقد عطش الزرع والنخل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه ” قوموا فقاموا فدخل الحائط والجمل في ناحيته، فمشى النبي صلى الله عليه و سلم نحوه، فقالت الأنصار يا رسول الله إنه قد صار مثل الكلب وإنا نخاف عليك صولته، فقال ليس علي منه بأس فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى خر ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بناصيته أذل ما كانت قط، حتى أدخله في العمل، فقال له أصحابه هذه البهيمة لا تعقل تسجد لك، ونحن أحق أن نسجد لك، فقال لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر.

ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها، والذي نفس محمد بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تتفجر بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه ” رواه أحمد، وعن عبد الله بن جعفر رضى الله عنهما قال أردفني رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم خلفه فأسر إلي حديثا لا أخبر به أحدا أبدا، وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل أي جماعة النخل فدخل يوما حائطا من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه فجرجر أي ردد صوته في حنجرته، وذرفت عيناه قال بهر وعفان فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حن وذرفت عيناه فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سراته، أي الظهر وقيل السنام وذفراه وهو العظم الشاخص خلف الأذن سكن.

فقال من صاحب هذا الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال هو لي يا رسول الله ، فقال أما تتقي الله في هذه البهيمة التي ملككها الله، إنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه ” رواه أبو داود وأحمد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى