مقال

الدكروري يكتب عن التفرق والعنصرية والاستعلاء

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن التفرق والعنصرية والاستعلاء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد أخبر الحق سبحانه وتعالي عن حال الخائفين وقد أصبحوا في الجنة وهم يذكرون حالهم في الدنيا، وكما أخبر عز وجل الخائفون هم أهل القلوب الوجلة، وأن الخائفين من الله هم أهل الخشية، وقال صلى الله عليه وسلم ” إذا اقشعر جلد العبد من خشية الله، تحاتت عنه خطاياه كما يتحات من الشجرة ورقها ” رواه الطبراني، والخائفون هم أهل البكاء، فقال عقبة بن عامر رضي الله عنه ما النجاة يا رسول الله؟ فقال صلي الله عليه وسلم ” أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابكي على خطيئتك ” وهذا هو سيد الخائفين من الله هو محمد صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل حتى تتفطر قدماه، وعلى ذلك مشى كبار الصحابة في خوفهم من الله تعالى، وكذلك من جاء بعدهم من السلف الصالح، فهذا منصور بن المعتمر كان كثير الخوف والوجل كثير البكاء من خشية الله تعالي. 

فقال عنه زائدة بن قدامة إذا رأيته قلت هذا رجل أُصيب بمصيبة، ولقد قالت له أمّه ما هذا الذي تصنع بنفسك تبكي عامة الليل، لا تكاد أن تسكت لعلك يا بني أصبت نفسا، أو قتلت قتيلا؟ فقال يا أمه، أنا أعلم بما صنعت نفسي، فهل من مُشمر؟ وهل من خائف؟ وهل من سائر إلى الله؟ وإنه لما استيقظت الدول الكبرى بعد الحرب العالمية التي أذاقتها الويلات، والتي نتجت عن التفرق والعنصرية والاستعلاء وتحكيم منطق الظلم والقوة فأدرك بعض عقلاء أصحاب القرار في تلك الدول أن ما تعانيه شعوبهم وحكوماتهم من جراء تلك الحروب المدمرة أمر خطير من الظلم والشر أدى إلى انتهاك حقوق الإنسان انتهاكا كاملا في دولهم فضلا عن الآخرين، فتنادوا إلى اجتماع يضع حدا لذلك الظلم، فتكونت هيئة الأمم المتحدة ووضع المتزعمون من أعضائها من الغربيين غير المسلمين. 

ميثاقها الذي زعموا أنه يحفظ للإنسان حقوقه، والذي هو في الحقيقة اتفاق يتضمن في باطنه الإهدار الكامل لأهم حقوق الإنسان، ما عدا المساعدات الرمزية التي تقدمها الهيئة للدول الفقيرة أو لغيرها في حال الكوارث، فحفظ عقيدة الإنسان التي فطره الله عليها وركزها في عقله قبل أن يولد وهي الإيمان بالله رب العالمين والإيمان بأنه الخالق الرازق المحيي المميت المدبر لجميع الأمور، والمالك لكل شيء والإيمان بأنه الإله الحق وحده لا شريك له والإيمان بالصدق والعدل والأمانة وإن لم يعرف هذه الأمور العظيمة بأسمائها وتفاصيلها لكنه يؤمن بها في الجملة ثم يتعلمها بعد ما يكبر من وحي الله سبحانه الذي أنزله في القرآن الكريم، قال الله تعالى مبينا أنه خلق الإنسان مؤمنا به موحدا له وهو في صلب أبيه الأول آدم عليه السلام، فقد بين الله سبحانه وتعالى أنه خلق الإنسان مسلما. 

وأن فطرته التي خلقه عليها لا تقبل إلا الإسلام، فلو أتى بإنسان عاقل عاش في معزل لا يعرف أحدا فعرضت عليه الديانات والمذاهب لرفضها كلها واختار الإسلام لأنه الموافق لفطرته، لكن الانحراف عن هذه الفطرة السليمة يحصل نتيجة تربية الوالدين والمجتمع الذي يعيش فيه، وكذلك فإنه لا يكذب ولا يخاف ولا يخون إلا نتيجة تلقيه ذلك الانحراف من مجتمع عاش فيه، ولهذا أنكر الله تعالى على المشركين الذين يعبدون غيره وأنكر على جميع الكافرين به في الآية الثانية المتقدمة حجتهم الباطلة، وهي أنهم وقعوا في الشرك وهو عبادة غير الله، وتأليه ذلك الغير تقليدا لآبائهم عندما وجدوهم على هذا الانحراف وبين لهم أنه لا عذر لهم في التقليد الأعمى وقد أعطاهم الله عقولا وفطرة سليمة هداهم بها إلى الحق لكنهم حادوا عنه إلى الباطل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى