مقال

عرفجة بن هرثمة ” الجزء السابع

 

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع الصحابى عرفجة بن هرثمة، وقيل أن عرفجة بن هرثمة شهد فتح مدينة رامهرمز ومدينة تستر، وبقي مجاهدا في ساحات القتال حتى عاد إلى الموصل سنة اثنين وعشرين من الهجرة واليا عليها ومن نهاوند عاد عرفجة إلى الموصل واليا عليها بأمر الخليفة عمر بن الخطاب، وقال مؤرخ الموصل عبد المنعم الغلامى، عرفجة بن هرثمة بن عبد العزيز بن زهير البارقى من رجال الإسلام الأجلاء، وقد شهد فتح تكريت وتولى خراج الموصل بعد فتحها، ثم عاد إلى جنوب العراق مع قومه الأزد، وقاتل في الأهواز ثم عاد إلى الموصل واليا عليها بأمر الخليفة عمر بن الخطاب، وفي عام اثنين وعشرين من الهجرة تسلم عرفجة بن هرثمة سدة ولاية الموصل ودامت ولايته عليها إلى أن توفي عام أربعة وثلاثين هجرى، وكانت توليته حدثا تاريخيا هاما سجلته كتب التاريخ والصحابة، فجاء في كتاب أنساب الأشراف للمؤرخ البلاذرى أنه ولى عمر عتبة بن فرقد الموصل سنة عشرين، ثم عزله، وولى الموصل هرثمة بن عرفجة البارقى.

 

وقال النويرى فى قول صاحب الكامل فى التاريخ فى سنة اثنتين وعشرين كان فتح شهرزور، فتحها عتبة ابن فرقد، وكتب إلى عمر بن الخطاب إن فتوحى قد بلغت أذربيجان، فولاه إياها، وولى هرثمة بن عرفجة الموصل، وقال الذهبى عرفجة بن هرثمة البارقى هو الذى جند الموصل، وواليها لعثمان، وله فيها أخبار، ولقد كان تولي عرفجة بن هرثمة أميرا نقطة تحول هامة وعظيمة في تاريخ الموصل، ودامت ولاية عرفجة قرابة ثلاثة عشر عاما، وهي مدة طويلة نسبيا تتيح لصاحبها المجال والخبرة لتحقيق الكثير من المنجزات في شتى المجالات الإدارية والعمرانية، لذا فقد اقترن أمر تخطيط الموصل وتعميرها باسم هذا الوالي القدير، وكان عرفجة بن هرثمة مؤسس العصر العربى الإسلامى لولاية الموصل، وفى ذلك يقول مؤرخ الموصل احتلت الموصل مكانة مهمة في العصر الراشدى، وبعد فتحها مباشرة أصبحت فى السنة السابعة عشر من الهجرة ثغرا تابعا الكوفة، وكان يقيم بها الوالى أو نائب عنه، ثم مصرها هرثمة بن عرفجة البارقى.

 

وكان أول من اختطها أى جعل لها خططا، باسكان العرب فيها، كل في محلة خاصة بهم، فاصبحت أحد الأمصار الإسلامية المهمة، وزاد عدد سكانيها، واصبحت مقرا لاقليم الجزيرة، وقيل أيضا كانت الموصل ونينوى حصنين حربيين فقط، وكانت الموصل حتى السنة السادسة عشر من الهجرة حصنا لم تمصّر، وكان هذان الحصنان الموصل ونينوى يقعان تماما شمال تكريت، أما نينوى فاسمها قديم فى التاريخ، فقد كانت مدينة أشورية وكانت مندثرة، وتقع نينوى على شاطىء دجلة الشرقي، بينما تقع الموصل على الشاطيء الغربي لهذا النهر، وكان اسم الحصنين في تلك المنطقة إذا أطلق فمعناها الموصل ونينوى والذى حوّل الموصل من حصن فرد إلى مدينة كبيرة هو عرفجة ابن هرثمة البارقي وذلك سنة واحد وعشرين من الهجرة وبنى بها مسجدا جامعا وقال محمود شيت خطاب يذكر التاريخ لعرفجة تمصيره مدينة الموصل الحدباء وجعلها من أكبر قواعد العرب والإسلام وأصبحت بلاد الموصل في عهد عرفجة بن هرثمة.

 

ومنذ عهده ولاية ذات مدن ومناطق شاسعة ومحددة تمتد ما بين حدود ولاية الجزيرة الفراتية شمالا وولاية الكوفة بالعراق جنوبا وقد جاء في كتاب معجم البلدان بأن الموصل وهى المدينة المشهورة العظيمة إحدى قواعد بلاد الإسلام قليلة النظير كبرا وعظما وكثرة خلق وسعة، فهي باب العراق ومفتاح خرسان، وسميت الموصل لأنها وصلت بين الجزيرة والعراق، وقد ضمت المناطق التابعة لولاية الموصل مدنا ونواحى وقرى كثيرة شملت معظم المنطقة الشمالية من العراق والجزيرة الفراتية وبذلك كانت تكريت وكركوك والحديثة وشهرزور من ضمن توابع الموصل في ذلك الوقت واستمرت حتى العصر، وكان هناك ثلاث مراحل تمدينية كبرى مرت بها الموصل تمت جميعها على أيدى عرفجة، فهو الذي أسس العهد العربي في مدينة الموصل، ومدينة الحديثة، وجندهما، وخططها، ووطن العرب بهما، وفي سنة اثنين وعشرين من الهجرة، بدأ عرفجة بن هرثمة بالعمل الكبير الذى خلده التاريخ وهو تأسيس واختطاط الموصل.

 

فى مكان الحصن القديم في الضفة الغربية من نهر دجلة، وفى ذلك يقول ابن الكلبى أول من مصّر الموصل هرثمة بن عرفجة البارقى في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، وأسكنها العرب، فأسس عرفجة الموصل واختط مساكنها ومبانيها ومرافقَها العامة ومسجدها الجامع وسورها وأسكن بها العرب المسلمين، وجعل الموصل مدينة عاصمة لولاية الموصل ومقرا له، وقال ابن الفقيه الهمدانى أنه أول من اختط الموصل وأسكنها العرب، ومصّرها هرثمة بن عرفجة البارقى، وكان عمر بن الخطاب عزل عتبة عن الموصل وولاها هرثمة، وكان بها الحصن وبيع النصارى ومنازلهم ومحلة اليهود، فمصّرها هرثمة ثم بنى المسجد الجامع، وفي نحو سنة أربعة وعشرين من الهجرة فقد اختار عرفجة قرية قديمة بالقرب من نينوى في الضفة الشرقية لدجلة، عرفت لاحقا بالحديثة وجعلها مدينة أخرى بالموصل، وفي ذلك يقول البلاذرى لما اختط هرثمة الموصل وأسكنها العرب أتى الحديثة وكانت قرية قديمة فيها بيعتان وأبيات النصارى فمصرها وأسكنها.

 

قوما من العرب فسميت الحديثة لأنها بعد الموصل، وبنى نحوها حصنا، وقال شمس الدين الأنصارى ومن مدن الموصل الحديثة، وهى فى شرقى دجلة وتسمى حديثة الموصل بناها هرثمة بن عرفجة، وكان الحصن الذي بناه عرفجة بالقرب من مدينة الحديثة مقرا للجيوش العربية والإمدادات العسكرية صوب أرمينيا واذربيجان وقلاع الأكراد، وفي سنة تسعة وعشرين للهجرة توجه الكثير من عمال وقادة بلاد العراق ومشارقها في الجيش الذي بعثة الخليفة عثمان بن عفان بقيادة عبد الله بن عامر أمير ولاية البصرة لفتح أقاصى بلاد فارس وسجستان وخراسان، فكان عرفجة البارقى ممن سار مددا لذلك الجيش والفتح، وكان فى ذلك الجيش عدد كبير من قبائل العرب فأقنع عرفجة أربعة الآف منهم بالعودة معه إلى الموصل والاستقرار بها فاستجابوا، فكتب بذلك إلى عثمان بن عفان فأمر بمسيرهم معه بعد فتح أقاصي فارس وسجستان فلما تم الفتح ساروا معه إلى الموصل، وهو ما يستفاد مما ذكره أبو زكريا الموصلى الذي جند الموصل عثمان بن عفان.

 

وأسكنها أربعة آلاف من الأزد وطيء وكندة، وعبد القيس، وأمر عرفجة بن هرثمة البارقى فقطع بهم من فارس إلى الموصل، وكان قد بعثه عثمان يغير على أهل فارس، فأسكن عرفجة الأربعة الآف بالموصل والحديثة على ضفتي نهر دجلة، وأصبحت الموصل إحدى أهم مدن الأمصار التي ابتنيت للمهاجرين والمقاتلين العرب، وقد تدفق إليها من غير العرب الآراميون والفرس بأعداد كبيرة باعتبارها أحد المراكز الحضرية والإدارية والاقتصادية الأسرع نموا فى الإمبراطورية العربية الإسلامية الجديدة، ولقد ترك عرفجة بن هرثمة آثارا فى الموصل، منها الجامع الواقع في محلة الكوازين والذى يسمى اليوم الجامع الأموى، ولا يزال هذا الجامع موجودا حتى اليوم، وقال البلاذرى أن عمر بن الخطاب عزل عتبة عنِ الموصل وولاها هرثمة بن عرفجة البارقى، وكان بها الحصن وبيع النصارى ومنازل لهم قليلة عند تلك البيع ومحلة اليهود، فمصرها هرثمة فأنزل العرب منازلهم واختط لهم ثم بنى المسجد الجامع.عرفجة بن هرثمة " الجزء السابع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى