مقال

وصف قدوم التتار إلى الشام

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن وصف قدوم التتار إلى الشام
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 30 يناير 2024

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر والصلاة والسلام على محمد سيد البشر، الشفيع المشفع فى المحشر، صلى الله وسلم وبارك عليه ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر، فقد قال تعالى ولم يزل قائلا عليما وآمرا حكيما تشريفا لقدر المصطفى صلى الله عليه وسلم وتعظيما، ” وإنك لعلي خلق عظيم” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد قال ابن كثير رحمه الله في وصف قدوم التتار إلى الشام “ووصل التتار إلى حمص وبعلبك وعاثوا في تلك الأراضي فسادا، وقلق الناس قلقا عظيما وخافوا خوفا شديدا، واختبط البلد لتأخر قدوم السلطان ويعني سلطان المسلمين ببقية الجيش، وقال الناس لا طاقة لجيش الشام بلقاء التتار لكثرتهم، وتحدث الناس بالأراجيف” وهناك خبر سيئ مصيبة تقال وتضخّم وتنتشر الشائعات.

فاجتمع أمراء المسلمين بالميدان، وتحالفوا على لقاء العدو وشجعوا أنفسهم ونودي بالبلد أن لا يرحل أحد منه، ويعني يا أيها الناس اصبروا، اصمدوا، لا ترحلوا، تتركوا البلد لمن؟ إذا خرجتم من البلد وتركتم، من الذي سيدافع عنها؟ يأخذها الكفار لهم لقمة سائغة؟ وشجعوا أنفسهم، ونودي بالبلد أن لا يرحل منه أحد، فسكن الناس وجلس القضاة بالجامع وحلف جماعة من الفقهاء والعامة على الكتاب، وتوجه الشيخ تقيّ الدين ابن تيمية رحمه الله إلى العسكر الواصل من حماة، فاجتمع بهم في القطيعة فأعلمهم بما تحالف عليه الأمراء والناس من لقاء العدو، فأجابوا إلى ذلك وحلفوا معهم، وكان الشيخ تقي الدين رحمه الله يحلف للأمراء والناس إنكم في هذه الكرة منصورون، فيقول له الأمراء قل إن شاء الله.

فيقول إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا، وتحقيقا من أين؟ هو لا يعلم الغيب؟ بما رآه قد اجتمع من أسباب نصر الله، بما رآه بما توفر من السنن الكونية والربانية، لله سنن، فرآها أمامه قد انطبقت، باقي النتائج، مقدمات موجودة باقي النتائج، ولذلك قال “إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا” وإن المسلمين بُغي عليهم، ونحن اليوم نتفاءل لأهل فلسطين في مصيبتهم هذه وأنهم منصورون إن شاء الله لأنه بُغي عليهم، وقد قال ربنا في كتابه ” ثم بغي عليه لينصرنه الله” ومسألة التفاؤل ليست فقط في مسائل الأمة الكبار، حتى على الصعيد الفردي، حتى على صعيد المصائب الفردية، وقال البرقي “رأيت امرأة بالبادية وقد جاء البرد فذهب بزرع كان لها، قضى عليه كله، فجاء الناس يعزونها، هذه امرأة مسكينة ما لها إلا هذا الزرع والزرع راح.

فرفعت طرفها إلى السماء وقالت اللهم أنت المأمول لأحسن الخلف وبيدك التعويض عما تلف فافعل بنا ما أنت أهله، فإن أرزاقنا عليك وآمالنا مصروفة إليك” ويقول البرقي “لم أبرح ما انتهت المرأة من كلامها حتى جاء رجل من مياسير البلد، من فضلاء الناس، فحُدث بما كان فوهب لها خمسمائة دينار، والدينار مثقال، والمثقال أربعة غرامات وربع، فتكون خمسمائة في أربعة غرامات وربع، كم غرام؟ خمسمائة في أربعة ألفين، كم صارت؟ ألفين ومائة وخمسين، يعني أكثر من كيلوين ذهب، وضع المسلمين الآن، هناك أشياء كثيرة لا تدعو للتفاؤل، وهناك فوضى وهناك اضطرابات، وهناك مؤامرات، وهناك هجوم العدو والقتل والجراحات والقصف والنهب والسلب والإخافة، لكن كما أن الله أجرى تغييرات ما كانت متوقعة أبدا.

وما توقع كثير من الناس أنها تحدث، فإذا كان في بعض هذه البلاد كان المسجد إذا حصل فيه اجتماع للناس أكثر من العادة، مع أن الأصل لا يأتي إلا قليل أصلا، لكن لو زاد قليلا يُقفل ويُكتب عليه مغلق للصيانة، وهناك مساجد سبع سنين مكتوب عليه “مغلق للصيانة” وجرى أمر الله، وفتحت ورجعت وازدحمت، وكانت الدورة الشرعية صلاة الفجر مثل صلاة الجمعة، النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، واليسر مع العسر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى