اخبار مصر

كيف نربي أبناءنا

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن كيف نربي أبناءنا
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 10 فبراير 2024

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد لقد أمرنا الإسلام بترية الأبناء تربية صالحه تفيد المجتمع، ولكن يسأل سائل ويقول كيف نربي أبناءنا؟ والجواب يسير، قد دلنا كتاب الله عليه في غير ما آية، ففي سورة الأحزاب قال تعالى ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر” وقال الله تعالي في موطن آخر في سورة الممتحنة ” قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه” وقال تعالي أيضا في سورة الممتحنة ” لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة”

فهذه الآيات وردت في سياق حث المؤمنين على الصبر في الحق، والثبات على الهدى، وأن المسلمين لهم في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة لأنه كما قالت عائشة رضي الله عنها كان خلقه القرآن، ولولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول العاملين بما يوحى إليه من ربه، وبما يسنه من الخلال الحميدة في سنته لما أخرج لنا الصحابة بما هم عليه من علو الهمة وسمو الأخلاق ونُبل النفس، ولأن الإنسان فُطر على تقليد من يحب فإن الأبناء يقلدون الآباء كما اتبع الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحبهم له، ومعرفتهم صدق دعوته رضوان الله عليهم أجمعين، حتى لقد كانوا يتأسون به في كل صغيرة وكبيرة، سواء في هيئات جلوسه وركوبه مما أباح الشرع فيه للناس ما شاؤوا من الهيئات.

سوى ما فيه مضرّة فقد نهى عنه، ولهذا كان على الوالدين قبل أن يأمروا وينهوا النظر في أفعالهم هل تطابق أقوالهم، فمحال أن يأمر الأب أو الأم الأبناء بالصلاة وهما لا يصليان، ثم يمتثل الأولاد هذا الأمر، إلا إن كان الصغار حين فتحوا أعينهم وجدوا آباءهم يصلون الصلاة في وقتها، ويحرصون على تحصيل فضلها بالخشوع والطهارة، وقد لا يحتاج الآباء إلى الكلام في حضرة الأسوة، لماذا؟ لأن الأسوة فعل محسوس مشاهد، والكلام قول مجرد، والنفوس في أصلها ميل للمُحسوس، ونفور وبُعد من المجرد، لذلك ترى الطفل وهو في سنواته الأولى كلما قام أبوه نحو غرفته، سارع وسابق أباه نحو السجادة، وجلس يقلد حركاته وإن كان لا يفقه منها شيئا، فإذا كبر لم يحتج معه والده كثرة الكلام وإغلاظ القول.

حتى يصلي ذاك الصبي الذي كان يسابق أباه نحو مصلاه، وقل مثل هذا في الصدق والحياء والوفاء والبعد من الفواحش، وما أكثر المغريات في هذا الزمن الذي يقوم فيه بدل الوالدين كثير من الموجهين، فهناك التلفاز والأنترنيت وغيرهما من وسائل التواصل الاجتماعي، فإذا لم يكن الوالدان خير قدوة لأبنائهما بأفعالهما، فمن المستحيل عقلا أن يغلب قول قولين أو ثلاثة أقوال، إلا إذا كان قول الوالدين فعلا ينظره الأبناء في حياتهم سلوكا وامتثالا لشرع الله تعالي، على أننا ننبه إلى أن بعضهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة، وغيره قدوة، والفرق بينهما أن الأسوة تكون أنموذجا يحتذى في نواحي الحياة كلها، وهذا لا يصدق إلا على من اصطفاهم الله لرسالته وخصهم بفضله العميم ولأنهم معصومون.

لذلك كان الرسل أهلا للأسوة، أما القدوة فقد يكون صالحا في باب أو بابين من الحياة، لكنه يُقصّلا عن مراتب الكمال في باقي وجوه الحياة، وهذا هو السر وراء كون رسولنا صلى الله عليه وسلم أسوة، وكون غيره من أفراد الأمة قدوة، هذا ما ذهب إليه بعض، ولكن هذا مخالف لظاهر الآية الكريمة ” لقد كان لكم فيهم أسوة حسنة ” إذ الضمير راجع إلى نبي الله إبراهيم عليه السلام والذين آمنوا معه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى