مقال

المرأة وثورة كل جيل

جريدة الاضواء

المرأة وثورة كل جيل
بقلم
منال شنوده
لعبت المرأة المصرية دوراً بارزاً فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو، ما يؤكد إدراكها ووعيها العميق بالمخاطر التى تحيط بالوطن، كما أنها لم تتوان عن تقديم التضحيات. وبالتالي فإن تمكين المرأة المصرية فى مختلف ميادين الحياة التزام وطنى يحفظ للمجتمع توازنه واستقراره ونهضته، وقد لعبت وما زالت تلعب أدوارا مهمة فى تشكيل وصياغة ماضى وحاضر ومستقبل مصر. وأن التكامل بين مختلف سلطات الدولة، التنفيذية والتشريعية والقضائية، دعم حضور المرأة فى قلب مسيرة العمل الوطنى.
زادت نسبة تمثيل المرأة على مستوى مجلس النواب فقد حصلت المرأة في مجلس النواب 2021 على 162 مقعدا وذلك في ضوء القانون رقم 46 لسنه 2014 بإصدار قانون مجلس النواب المٌعدل برقم 140 لسنه 2020، والذى خصص للمرأة ما لا يقل عن 25% من إجمالى مقاعده المُنتخبة، فضلا عن نصف نسبة الـ(5%) التي يعينها الرئيس، وذلك بحد أدنى. وبذلك يكون المجلس الحالي يحتوى على أكبر عدد لتمثيل المرأة فى مجلس نيابى فى تاريخ مصر، وبهذا الرقم يحتل البرلمان المصرى مرتبة متقدمة بين أكثر البرلمانات تمثيلا للمرأة.
لقد سطرت المرأة على مر العصور والتاريخ أعظم التضحيات والروايات؛ فهذه الصحابية خولة بنت الأزور تركت في أنفسنا أثراً كبيراً فهي الشاعرة والمقاتلة الشجاعة التي خاضت كثيراً من الفتوحات والمعارك مع الصحابة، فكانت تقاتل معهم ببسالة، بالإضافة إلى كونها شاعرة فذّة ، كما سطرت الصحابية نسيبة بنت كعب أروع الأمثلة في مشاركتها في العديد من الغزوات والمعارك، بالإضافة إلى كونها ممرضة تداوي الجرحى، وتسقي العطشى منهم، فيما لا تغيب شجرة الدر عن الأذهان في مثل هذا الموضع؛ فتذكر بقياديّتها وحنكتها اللتان استطاعت بهما توّلي عرش الحكم في مصر والقضاء على الصليبيين، والكثير الكثير من الأمثلة التي لا يتّسع لذكرها المقام، أمّا اليوم فقد تمكّنت المرأة من تولّي العديد من الأدوار المهمة في كافة مجالات الحياة؛ فهي المربية التي تزرع في أبنائها القيم الأخلاقية الطيبة، وهي الداعمة بما توفّره للصغار والكبار من نصح، ورفع للهمم، ومؤازرة في حل مشاكلهم، وهي مَن تدعم الزوج وتقدّم له المشورة، وتساعده في اتخاذ القرار، وهي المعلمة لطلّابها تعلمهم وتأسسهم في المجالات الحياتيّة والعلميّة المختلفة، وهي الطبيبة والممرضة التي تسهر على راحة الناس ومعالجتهم، كما تمكنت المرأة من المشاركة في ميدان التنمية الاقتصاديّة، بما شغلته من مناصب قيادية وإدارية فاعلة، وصولاً إلى المناصب السياسية التي جعلت منها خير داعم للرجل في صنع القرار واتخاذه.
تكمن الأهمية التاريخية للحضارة المصرية القديمة في منظومة القيم والرسالات الإنسانية التى شملت كل نواحى الحياة ، وكونت بمرور ألفيات مصر السبع ، الجذور الحقيقة التي تستمد منها البشرية تراثها الإنساني في إجماله ، ومن أهم هذه القيم الإنسانية الإعتراف بأهمية دور المرأة بالمجتمع .
وتُرجمت هذه القيمة عملياً بصياغة مكانة رفيعة المستوى للمرأة المصرية باعتبارها الشريك الوحيد للرجل فى حياته الدينية والدنيوية طبقاً لنظرية الخلق ونشأة الكون الموجودة فى المبادئ الدينية الفرعونية ، حيث المساواة القانونية الكاملة وارتباط الرجل بالمرأة لأول مرة بالرباط المقدس من خلال عقود الزواج الأبدية .
تطورت أحوال المرأة المصرية في العهد الحديث، وتعددت أدوارها كالآتي: أسست صحافة نسائية تدعم القضايا النسوية، وتناصر حقوق المرأة ومكانتها ضد التقاليد البالية، فأصدرت (هند نوفل) أول مجلة مصرية وسمتها “الفتاة”، وأصدرت (جميلة حافظ) مجلة نسائية مهمة وهي مجلة (الريحانة). توفر التعليم لجميع أفراد المجتمع من أجل نهوضه ورفعته، فتبرعت الأميرة فاطمة بنت الخديوي إسماعيل بأرض لها، كما وهبت مجوهراتها الثمينة للإنفاق على تكاليف البناء. في عام 1928م انضمت المرأة المصرية للجامعات. وجدت المرأة المصرية ضرورة قصوى لتأسيس أحزاب سياسية تدافع عن قضايا المرأة وكل ما يتعلق بها، فنشأ حزب (اتحاد النساء المصريات)، وتم تأسيس الحزب النسائي الوطني بجهود فاطمة نعمت راشد سنة الحزب عام 1942م، وقامت درية شفيق بتشكيل حزب (بنت النيل) والذي دُعِم من السفارة الإنجليزية عام 1949م. ترسخ مفهوم مشاركة المرأة في المجالات جميعها؛ السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، لتحصل في عام 1956م على الحق في الترشح للانتخابات. دخلت البرلمان، وعينت أول وزيرة للشؤون الاجتماعية عام 1962م. تميزت الفترة الممتدة من عام 1981م ولغاية الآن بتغيرات كبيرة ساهمت في تمكين المرأة ونهوضها والقضاء على التمييز ضدها، فشاركت في مختلف المجالات وفي جميع الميادين في المجتمع المصري.
الكاتبة الأديبة الدكتورة/منال شنوده

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى