مقال

رسول الله يداعب أصحابه

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن رسول الله يداعب أصحابه
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا أما بعد لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح مع أصحابه ويداعبهم ولا يقول إلا حقا وشواهد ذلك كثيرة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال” أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله احملني ، قال النبي صلى الله عليه وسلم إنا حاملوك على ولد ناقة، قال وما أصنع بولد الناقة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهل تلد الإبل إلا النوق؟ رواه الترمذي، فكان قوله صلى الله عليه وسلم، مداعبة للرجل ومزاحا معه، وهو حق لا باطل فيه.

وروى الترمذي عن الحسن قال أتت عجوز إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت يا رسول الله، ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال صلى الله عليه وسلم يا أم فلان، إن الجنة لا تدخلها عجوز، قال فولت تبكي، فقال صلى الله عليه وسلم أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز، إن الله تعالى يقول ” إنا أنشأناهن إنشاء، فجعلناهن أبكارا ” وقد يتساءل الصحابة عن ذلك مخافة وقوعهم في الكذب؟ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قالوا يا رسول الله إنك تداعبنا؟ قال صلى الله عليه وسلم نعم، غير أني لا أقول إلا حقا” رواه الترمذى، وأن كثيرا، من الناس يعتقد أن في الإسلام كذبا أبيضا وآخر أسودا، أي كذبة بيضة وكذبة سودة وهذا ليس من الشرع في شيء، فالكذب كله محرم، صغيره وكبيره قليله وكثيره إلا ما رخص فيه الشرع الحكيم من أجل المصلحة.

وذلك في ثلاث حالات فعن أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها قالت” رخّص النبِي صلى الله عليه وسلم من الكذب في ثلاث، في الحرب، و في الإصلاح بين الناسِ، و قول الرجل لامرأتة” وفي رواية أخرى ” وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأَة زوجها ” رواه أحمد ومسلم، وكذلك فإن الإسلام حرم الكذب حتى على الحيوانات التي لا تعقل فلا يجوز لك أن تكذب عليها وإليكم قصة في هذا الشأن، فقد روى العلامة المعلمي اليماني في كتابه الأنوار الكاشفة أن جماعة من أصحاب الحديث ذهبوا إلى شيخ ليسمعوا منه فوجدوه خارج بيته يتبع بغلة له قد انفلتت يحاول إمساكها وبيده مخلاة يريها البغلة ويدعوها لعلها تستقر فيمسكها، فلاحظوا أن المخلاة فارغة فتركوا الشيخ وذهبوا وقالوا أنه كذاب، كذب على البغلة بإيهامها أن في المخلاة شعيرا.

والواقع أنه ليس فيها شيء، فرجعوا ولم يسمعوا منه وقالوا هذا يكذب على البغلة فلا نأمن أن يكذب في الحديث” وهكذا اعلموا أن قوام المجتمع في التعامل، بصدق في جميع مجالات الحياة، فكيف يكون لمجتمع ما كيان متماسك، وأفراده لا يتعاملون فيما بينهم بالصدق؟ وكيف يكون لمثل هذا المجتمع رصيد من ثقافة أو تاريخ أو حضارة وأفراده يكذبون ويرجون للكذب؟ وكيف يوثق بنقل المعارف والعلوم إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع الإنساني؟ وكيف يوثق بنقل الأخبار والتواريخ إذا لم يكن الصدق أحد الأسس الحضارية التي يقوم عليها بناء المجتمع؟ وكيف يوثق بالوعود والعهود ما لم يكن الصدق أحد أسس التعامل بين الناس؟

وكيف يوثق بالدعاوى والشهادات مالم يكن الصدق أحد أسس التعامل بين الناس؟ ألا فلنعد إلى ما كان عليه سلفنا الصالح من صدق في المعاملات والبيع والشراء، حتى نكون قدوة لغيرنا ودعوة للآخرين إلى الدخول في هذا الدين الحنيف، إننا إن فعلنا ذلك فزنا في الدنيا بالسعادة والثقة والطمأنينة والتراحم فيما بيننا وفي الآخرة بالجنة والمغفرة والثواب العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى