مقال

يريد الله بكم اليسر

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن يريد الله بكم اليسر
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 10 مارس 2024

الحمد لله ذي الجلال والإكرام حي لا يموت قيوم لا ينام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك الحليم العظيم الملك العلام، وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله سيد الأنام والداعي إلى دار السلام صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، ثم أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلامي الكثير والكثير عن شهر رمضان وعن صيام رمضان، وأما عن قوله تعالى ” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وهى قراءة جماعة اليسر بضم السين لغتان، وكذلك ” العسر ” فقال مجاهد والضحاك، اليسر الفطر في السفر، والعسر الصيام في السفر، والوجه عموم اللفظ في جميع أمور الدين، كما قال تعالى” وما جعل عليكم في الدين من حرج” وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم “دين الله يسر”

وقال صلى الله عليه وسلم “يسروا ولا تعسروا” واليسر من السهولة، ومنه اليسار للغنى، وسميت اليد اليسرى تفاؤلا، أو لأنه يسهل له الأمر بمعاونتها لليمنى، قولان، وقوله “ولا يريد بكم العسر” هو بمعنى قوله يريد الله بكم اليسر فكرر تأكيدا، وقد دلت الآية على أن الله سبحانه مريد بإرادة قديمة أزلية زائدة على الذات، وكما أنه عالم بعلم، قادر بقدرة، حي بحياة، سميع بسمع، بصير ببصر، متكلم بكلام، وهذه كلها معان وجودية أزلية زائدة على الذات وقد ذهب الفلاسفة والشيعة إلى نفيها، فتعالى الله عن قول الزائغين وإبطال المبطلين، والذى يقطع دابر أهل التعطيل أن يقال لو لم يصدق كونه ذا إرادة لصدق أنه ليس بذى إرادة، ولو صح ذلك لكان كل ما ليس بذى إرادة ناقصا بالنسبة إلى من له إرادة.

فإن من كانت له الصفات الإرادية فله أن يخصص الشيء وله ألا يخصصه، فالعقل السليم يقضى بأن ذلك كمال له وليس بنقصان، حتى إنه لو قدر بالوهم سلب ذلك الأمر عنه لقد كان حاله أولا أكمل بالنسبة إلى حال ثانيا، فلم يبق إلا أن يكون ما لم يتصف أنقص مما هو متصف به، ولا يخفى ما فيه من المحال، فإنه كيف يتصور أن يكون المخلوق أكمل من الخالق، والخالق أنقص منه، والبديهة تقضى برده وإبطاله، وقد وصف نفسه عز وجل وتقدست أسماؤه بأنه مريد فقال تعالى” فعال لما يريد” وقال سبحانه” يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر” وقال يريد الله أن يخفف عنكم إذا أراد أمرا فإنما يقول كن فيكون، ثم إن هذا العالم على غاية من الحكمة والإتقان والانتظام والإحكام، وهو مع ذلك جائز وجوده وجائز عدمه.

فالذى خصصه بالوجود يجب أن يكون مريدا له قادرا عليه عالما به، فإن لم يكن عالما قادرا لا يصح منه صدور شيء، ومن لم يكن عالما وإن كان قادرا لم يكن ما صدر منه على نظام الحكمة والإتقان، ومن لم يكن مريدا لم يكن تخصيص بعض الجائزات بأحوال وأوقات دون البعض بأولى من العكس، إذ نسبتها إليه نسبة واحدة قالوا وإذ ثبت كونه قادرا مريدا وجب أن يكون حيا، إذ الحياة شرط هذه الصفات، ويلزم من كونه حيا أن يكون سميعا بصيرا متكلما، فإن لم تثبت له هذه الصفات فإنه لا محالة متصف بأضدادها كالعمى والطرش والخرس على ما عرف في الشاهد، والبارئ سبحانه وتعالى يتقدس عن أن يتصف بما يوجب في ذاته نقصا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى