مقال

الدكروري يكتب عن أسباب الكوارث الكونية

جريدة الاضواء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الأربعاء الموافق 3 إبريل 2024

الحمد لله الذي نوّر بالقرآن القلوب، وأنزله في أوجز لفظ وأعجز أسلوب، فأعيت بلاغته البلغاء، وأعجزت حكمته الحكماء، أحمده سبحانه وتعالي وهو أهل الحمد والثناء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله المصطفى، ونبيه المرتضى، معلم الحكمة، وهادي الأمة، صلى الله عليه وعلى آله الأبرار، وصحبه الأخيار، ما تعاقب الليل والنهار، وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد ترجع الكوارث الكونية إلى ذنوب البشرية وهذا هو طريقة أهل العلم والمعرفة لعلمهم وإيمانهم بسنة الله تعالى المذكورة في كتابه الكريم كما جاء في سورة الشوري ” وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ” وأما أهل العمى والضلالة فيُرجعون ذلك لأسباب أرضية، وينفون القدرة الربانية، ويأمنون العذاب وهو قريب منهم، كما قال الأولون ” هذا عارض ممطرنا ” 

وإن شباب الإسلام وفتياته مستهدفون من الأعداء بكل أنواع الاستهداف، فهم مستهدفون في عقائدهم وأفكارهم لتغييرها، ومستهدفون في قناعتهم بالانتماء إلى أمتهم لتبديلها، ومستهدفون في أخلاقهم وسلوكهم لإفسادها، حتى إنهم مستهدفون في عقولهم وأجسادهم لإتلافها بالمسكرات والمخدرات، وترويجها بين الشباب والفتيات، وإن الشباب في كل زمان ومكان فهم عماد الأمة وسر نهضتها، ومبعث حضارتها، وحامل لوائها ورايتها، وقائد مسيرتها إلى المجد والنصر، وإن الإسلام لم ترتفع في الإنسانية رايته، ولم يمتد على الأرض سلطانه، ولم تنتشر في العالمين دعوته إلا على يد هذه الطائفة المؤمنة التي تربت في مدرسة الحبيب المصطفي صلى الله عليه وسلم وتخرجت في جامعته الشاملة، فقد روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال ما بعث الله نبيا إلا شابا. 

ولا أوتي العلم عالم إلا شابا، ثم تلا هذه الآية ” قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم” وقد أخبر الله تعالى به ثم أتى يحيى بن زكريا الحكمة قال تعالى “وآتيناه الحكم صبيا” وقال تعالى “إذ أوى الفتية إلى الكهف” وقال تعالي “إنهم فتية آمنوا بربهم” وقال تعالي “وإذ قال موسى لفتاه” ففي كل زمان ومكان، وفي جميع أدوار التاريخ البشري كان الشباب هم عماد الأمم، وسبب نهضتها، ومنبع قوتها وهم في كل أمة وزمان أصحاب الهمم العالية، والنفوس الأبيّة، والقلوب السليمة، والقوة الضاربة، ولقد كرم الله سبحانه وتعالى الإنسان بالعقل وجعله مناط التكليف وأحاطه بالخطاب والتنبيه في القرآن الكريم والحديث الشريف وبالعقل تميز الإنسان وتكرّم، وترقى في شأنه وتعلم، وجعله الشارع الحكيم ضرورة كبرى، وشرع لصيانته الحق والحد. 

وبالعقل يميز الإنسان بين الخير والشر والنفع والضر، وبه يتبين أوامر الشرع ويعرف الخطاب، ويرد الجواب ويسعى في مصالحه الدينية والدنيوية، فإذا أزال الإنسان عقله لم يكن بينه وبين البهائم فرق، بل هو أضل منها، بل قد يُنتفع بالحيوان، أما الإنسان فلا يُنتفع به بعد زوال عقله، بل يكون عالة على غيره، يُخشى شره ولا يُرجى خيره، ولقد خلق الله الإنسان في هذا الكون ليعمره ويكون خليفة في الأرض، ووهبه الله نعما كثيرة لا تعد ولا تحصى، وأمره أن يقوم عليها ويرعاها ويحفظها ولا يعتدي عليها بأي أنواع الاعتداء، ومن المعلوم أن عقل الإنسان ليس ملكا له على وجه الحقيقة، وإنما هو بمثابة الوديعة أو العارية عنده، لأنها ملك خالقها وهو الله عز وجل، وليس من حق الإنسان وهو بمثابة الوديع أو المستعير إتلاف ما استودعه الله إلا إذا أذن له الله تعالى بذلك كما في الجهاد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى