مقال

الأبعاد الغائبة عن الأمة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الأبعاد الغائبة عن الأمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : السبت الموافق 27 مارس 2024

الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في المحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر، ثم أما بعد إن الجهاد في سبيل الله عز وجل يمثل الدعوة إلى الله تعالي، ونشر دينه في الناس كافة، وتحقيق صفة وخصيصة من خصائص هذه الأمة، وهي العالمية، وهذا الوصف الذي يكاد أن يكون من الأبعاد الغائبة عن الأمة عموما، وعن كثير من الجماعات الإسلامية التي أخذت على عاتقها تبليغ الإسلام والدعوةَ إليه بكافة اتجاهاتها الفكرية والمنهجية، حتى كادت أن تكون هذه الحركات مكبلة بالمكان، وأضحت توصف بالإقليمية وليس بالعالمية، وانشغلت عن تحقيق الهدف الأسمى الذي يرتكز عليه شهودها يوم القيامة.

فكيف ستشهد الأمة وهي لَم تحمل هذه الأمانة وتبلغها للناس؟ وكيف سيكون جوابها للرسول صلى الله عليه وسلم، الذي سيكون شهيدا عليها يوم القيامة، وإن من الشهداء رجل يسمى مخيريق فلما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، قال مخيريق لليهود”ألا تنصرون محمدا؟ والله إنكم لتعلمون أن نصرته حق عليكم” فقالوا “اليوم يوم السبت” فقال”لا سبت” وأخذ سيفه ومضى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقاتل حتى أثبتته الجراحة، فلما حضره الموت قال “أموالي إلى محمد يضعها حيث شاء” وقُتل يوم أحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “مخيريق خير يهود” وعلى النقيض من الصورة السابقة نجد قصة رجل يسمى قزمان، فقد قتل ثلاثة من حملة راية المشركين يوم أحد، وفي رواية سبعة أو ثمانية من المشركين، وقاتل قتالا شديدا وبشره المسلمون.

فقال “إن قاتلت إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك ما قاتلت” وكانت جراحه شديدة فنحر نفسه، فأخبر المسلمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال قزمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إنه من أهل النار” حيث لا يدخل الجنة إلا من يقاتل حتى تكون كلمة الله هي العليا، أما من يقاتل من أجل القومية أو الوطنية أو القبيلة فلا ينال الشهادة في سبيل الله، وقد روى البخاري أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال الرجل يقاتل للمغنم، والرجل يقاتل للذكر، والرجل يقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ قال صلى الله عليه وسلم ” من قاتل لتكون كلمة الله هى العليا فهو فى سبيل الله” فهو الشهيد الكامل الشهادة، وهو أرفع الشهداء منزلة عند الله، وأفضلهم مقاما في الجنة، وهو المسلم المكلف الطاهر، الذي قتل في المعركة مخلصا لله النية، مقبلا غير مدبر، سواء قتله أهل الحرب أو البغي.

أو قطاع الطريق، أو وجد في المعركة وبه أثر القتل أما الفخر بالقبائل والأحساب لا قيمة له، ولكن التقوى هي ميزان الأفضلية، فهذه مصيبة أحد وهذا هو الخير الموجود في هذه المصيبة، وقد لا نرى نحن هذا الخير، ولكنه موجود بالفعل، وليس معنى ذلك أن نبحث عن المصائب ونسعى إليها، ولكن معنى ذلك أن المصيبة ليست نهاية الدنيا، وأن هناك أيضا شهيد الدنيا، وهو من غل من الغنيمة أو مات مدبرا، أو من قاتل لتعلم شجاعته، أو طلبا للغنيمة فقط، فشهيد الدنيا فهو من قتل في قتال مع الكفار وقد غل في الغنيمة، أو قاتل رياء، أو عصبية عن قومه، أو لأي غرض من أغراض الدنيا، ولم يكن قصده إعلاء كلمة الله، فهذا وإن طبقت عليه أحكام الشهيد في الظاهر من دفنه في ثيابه ونحو ذلك لكنه ليس له في الآخرة من خلاق.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى