مقال

من آفات العولمة الفكرية التقليد والتبعية

جريدة الاضواء

من آفات العولمة الفكرية

التقليد والتبعية

بقلمي – صبحي حجاب

التقليد والتبعية:

قد طَرَح المسلمون َّوالعرب خاصة سؤالا : لماذا تقدم الغرب وتأخرنا … على الرغم من كفره  بقيمنا وإيماننا بها… وما هو السبيل الذي يؤدي إلى نهضتنا؟ وللإجابة علي هذا  السؤال علينا أن نلقي نظرة فاحصة على طريقة حياة المسلم الاجتماعية … أو المواطن العربي بشكل عام .. فالقيم المشتركة بين المسلمين الحالية وغيرهم باتت منفصلة عن قيمنا .. وصار العربي والمسلم لا يرى غضاضة في مشاركة غير المسلم أساليب عيشه … بل إن بعضهم يرى أن ذلك مدعاة للفخر والمباهاة إذا استوطن في إنجلترا أو فرنساأو غيرهما من الدول الغربية َّ… إلى رفع القيم والاخلاقيات بين المسلمين وغيرهم .. وصار تقليدهم في طريقة عيشهم .. وأكلهم .. وشربهم … وهم بذلك لم يفهموا مقاصد دينهم فهما صحيحا .. فنحن المسلمون والعرب أصحاب القيم والاخلاقيات القويمة لا نقلد أحدا بل يقلدنا الآخرون …

 َّ

وعلة تخلفنا في العصر بمختلف أنواعها ، ليس الجهل فقط في طرق التفكير .. بل هو جهلنا بالعلوم وبالنَّظام السياسي،والاقتصادي، والاجتماعي الذي اهتدى الغربي حياته إليه فأدار باقتدار حياته ومعيشته وطرق تفكيره  ، ونحن ما زلنا نتخبط ونحن نرسم في الطريقة والكيفية التي  نحسن  بها تفكيرنا وندير بها طريقة حياتنا، يضاف إلى النقطة السابقة جهلنا الي ّ نتعلم الاقتصاد الذي يعالج مشاكل والإنتاج والتسويق، والجهل-أيضا – بالنظام الاجتماعي الوصفي الذي يؤمن لنا الاستقرار والتماسك.

 

بنظرة سريعة من كيف صار الناس أسرى لفلسفة الاستهلاك حولنا تعطينا، وهذا اللون من الاستعباد فرض على الناس التزامات يسيرون جعلتهم أسرى مكبلين في دروب مفروضة عليهم سلفا ومخطط لها مسبقا ،لكنهم اختاروها طوعا ظنا منهم أن ثقافة الاستهلاك نوع من التحضر والتشبه بالغرب , واصروا علي اتباع ثقافة التقليد، وحتي كثير من علية القوم .. قلدوا الغرب في طريقة التفكير والسلوك والزي واللباس .. والمغلوب مولع بتقليد الغالب ويفرح لفرحه ويسر لسروره 

ألاترى معي على سبيل المثال كيف يصير حالنا إذا فاز فريق لكرة قدم لبلد عربي أو أوربي يشجعه مجموعة من العرب، وهوم يشاهدون  ويتفاعلون بقوة مع الاحداث ويهللون ويسيرون في الشوارع يحتفلون وكأنهم من الفاتحين , ويشربون المرطبات ابتهاجا وتوزيع الهدايا والحلوي ابتهاجا بالنصر الذي حققه الفريق الفلاني، فهي إذن حالة نفسية وفكرية ، أساسها الانبهار الشديد بثقافة الغازي وفكره ، والمعروف أن الإنسان لا يقلد إلا من يعتقد أنه أفضل منه ، أي : أن التقليد هو نوع من التسليم بتفوق المقلِد على المقلد وينتج التبعية ، والتقليدِ المقلد  َّ ؛ لأند يظن أنه اقل منه ، والمقلد بمجرد تقليد المتفوق عليه في سلوكه وفكره سوف يتمكن من أن يشابه في التحضر مثلا , لشعوره دائما أنه أضعف من المبدع، فالتقليد لن يخلق أي ملكة إبداعية فيهاإبداع.

 

والدولة الغازية  لا تنجح في ما تصبو إليه إلا إذا كان فكرها الثقافي قادر علي الاحتلال الفكري للدولة المحتلة ، وأيضا المجتمع المستعمَر عنده القابلية للاستعمار ومستسلم للهزيمة الفكرية، بسبب تفكك بنيته الاجتماعية والثقافية وركوده الفكري وغياب المدرسة العقلية الواعية، ففي غياب الإبداع والتفكير السليم تزداد قابلية التلقد والتبعية الثقافية التي هي عقدة النقص أمام ثقافة الآخر،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى