مقال

رمضان والإعجاز القرآنى ” الجزء الثالث “

رمضان والإعجاز القرآنى ” الجزء الثالث “

إعداد / محمـــد الدكــروى

 

ونكمل الجزء الثالث مع رمضان والإعجاز القرآنى، وقد توقفنا عند قول الله تعالى كما جاء فى سورة الأنبياء ” وجعلنا من الماء كل شئ حى أفلا يؤمنون” فقد أثبت العلم الحديث، أن أى كائن حى، يتكون من نسبة عالية من الماء، وإذا فقد خمسة وعشرون بالمائة من مائه، فإنه سيقضي نحبه لا محالة ،لأن جميع التفاعلات الكيماوية داخل خلايا أى كائن حى ،لا تتم إلا في وسط مائى، ثم ننتقل إلى آية أخرى، من آيات الاعجاز العلمى في القرآن ، وهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة النور ” أو كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ” فلم يكن بإمكان الإنسان القديم ،أن يغوص أكثر من خمسة عشر متر لأنه كان عاجزا عن البقاء بدون تنفس أكثر من دقيقتين، ولأن عروق جسمه ستنفجر من ضغط الماء، و بعد أن توفرت للإنسان الغواصات فى القرن العشرين، تبين للعلماء أن قيعان البحار شديدة الظلمة، كما اكتشفوا أن لكل بحر لجى.

رمضان والإعجاز القرآنى ” الجزء الثالث “

طبقتين من المياه، الأولى عميقة وهى شديدة الظلمة، ويغطيها موج شديد متحرك، وطبقة أخرى سطحية وهى مظلمة أيضا، وتغطيها الأمواج التى نراها على سطح البحر وقد دهش العالم الأمريكى “هيل” من عظمة هذا القرآن، وزادت دهشته عندما نوقش معه الإعجاز الموجود فى الشطر الثاني من الآية ، وهو قوله تعالى” من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها” وقال إن مثل هذا السحاب لم تشهده الجزيرة العربية المشرقة أبدا وهذه الحالة الجوية، لا تحدث إلا في شمال أمريكا، وروسيا، والدول الاسكندنافية، القريبة من القطب والتي لم تكن مكتشفة أيام رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ولا بد أن يكون هذا القرآن كلام الله، ثم ننتقل إلى آية أخرى، من آيات الاعجاز العلمي في القرآن، وهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة الكهف ” ولبثوا فى كهفهم ثلاث مائة سنين وازدادوا تسعا” فالمقصود فى الآية أن أصحاب الكهف قد لبثوا في كهفهم ثلاثة مائة سنة شمسية وثلاثة ومائة وتسعه سنه قمرية.

رمضان والإعجاز القرآنى ” الجزء الثالث “

وقد تأكد لعلماء الرياضيات أن السنة الشمسية أطول من السنة القمرية بعدد إحدى عشر يوما، فإذا ضرب عدد الأيام الإحدى عشر فى ثلاثة مائة سنه سيكون ثلاثة مائة وتسعة سنه، وننتقل إلى آية أخرى، من آيات الاعجاز العلمي فى القرآن، وهي قول الله تعالى كما جاء فى سورة الحج ” وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب” وقد أثبت العلم الحديث وجود إفرازات عند الذباب، بحيث تحول ما تلتقطه إلى مواد مغايرة تماما لما التقطته، لذا، فنحن لا نستطيع معرفة حقيقة المادة التي التقطتها، وبالتالى لا نستطيع استعادة وانقاذ هذا المادة منها أبدا، ثم ننتقل إلى آية أخرى، من آيات الاعجاز العلمى فى القرآن، وهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة الأنعام ” ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد فى السماء ” فالآن، وعندما تركب طائرة، وتطير بك في الجو، وتصعد في السماء، بماذا تشعر؟ ألا تشعر بضيق في الصدر؟ هذا هو ما عبر عنه القرآن الكريم بقوله تعالى “كأنما يصعد فى السماء “

رمضان والإعجاز القرآنى ” الجزء الثالث “

وننتقل إلى آية أخرى، من آيات الاعجاز العلمى فى القرآن وهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة ” كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب” فقد أثبت العلم الحديث، أن الجسيمات الحسية المختصة بالألم والحرارة، تكون موجودة في طبقة الجلد وحدها، وعند ذكر أهل النار وهم يعذبون، فمع أن الجلد سيحترق مع ما تحته من العضلات، وغيرها، إلا أن القرآن لم يذكرها،لأن الشعور بالألم تختص به طبقة الجلد وحدها، وحقا والله ما قال ربنا في كتابه العزيز كما جاء فى سورة فصلت ” سنريهم آياتنا فى الآفاق وفى أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أو لم يكف بربك أنه على كل شئ شهيد” ولقد كان المعتقد أن الإحساس من صفات الجسد بكل أجزائه، وأنه متساو في درجة إحساسه بالأشياء، لكن علم التشريح الحديث جاء بحقيقة جديدة كان الناس يجهلونها هى أن مرا كز الإحساس وغيره إنما تتركز بالجلد بكمية كبيرة، حتى إن الإنسان لا يشعر بألم وخز الإبرة إذا أدخلت في جسمه إلا عند دخولها منطقة الجلد فقط.

رمضان والإعجاز القرآنى ” الجزء الثالث “

والقرآن الكريم يذكر هذه الحقيقة قبل علماء التشريح في القرن العشرين، أى أن الإحساس بالألم والعذاب يتركز فى جلودهم، فإذا نضجت استراحوا من عذاب النار، لكن العليم الخبير بخلقه يعلم ذلك، ويخبرنا به قبل أن نعرفه، ويقول إنه سيبدلهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب، فهل كان لمحمد صلى الله عليه وسلم أجهزة تشريحية خاصة به من دون الناس؟ أم أن هذه آية من آيات صدق نبوته صلى الله عليه وسلم، وإن من أنواع إعجاز القرآن ما أخبر به من الشفاء في عسل النحل فقال تعالى فى سورة النحل ” ثم كلى من كل الثمرات فاسلكى سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن فى ذلك لآية لقوم يتفكرون” فالعسل شفاء من أمراض كثيرة، بل له أثر في عامة الأمراض، وبخاصة مع الحبة السوداء، فالعسل قاتل للجراثيم، ويمنع نمو البكتريا، بل يؤدى إلى قتلها فورا، وهو مضاد للعفونة، فيمكن أن يبقى آلاف السنين دون أن يصيبه أى تلف أو فساد إذا أحسن تخزينه، فهو لا يفسد حتى لو تعرض لكل أنواع الميكروبات.

وفى تجارب معمليه متعددة مِن علماء مصريين، وفي جامعات غربية متعددة أحضرت أنواع الميكروبات المسببة للأمراض مثل التيفود، والدوزنطاريا، والسل، وزرعت في عسل النحل، فوجد أنها ماتت جميعا، منها ما هلك خلال خمس ساعات، ومنها ما بقي عشر ساعات، ومنها ما هلك خلال أربع وعشرين ساعة، وأعلاها مقاومة بقي لمدة أربعة أيام فقط، وحقا إن العسل كما قيل هو مقبرة حقيقية للميكروبات، كما إن العسل سبب في التئام الجروح المستعصية، واندمال الحروق، وللشفاء من أمراض كثيرة بإذن الله تعالى، أيها الصائمون ما أحسن قراءة القرآن للصائم فى رمضان، وما ألذ حروفه في اللسان، وألطف وقعها على القلوب حينما يفرغ البطن ويصفو العقل من كدر المأكولات والشهوات يكون للقرآن طعم آخر فالطعام والشراب والشهوة تكسب القلب قسوة، والنفس غفلة، والجوارح ثقلا وكسلا، فيأتي الصيام ليقدح الفكر، ويذهب الغفلة، وينقل القارئ الصائم إلى التفهم والتدبر، والمعرفة ورقة القلب، وهذه الحال التي يمكن للقارئ

الاستفادة منها، فالعين ترى فى تلك الصفحات المشرقة نورا يهديها إلى الطريق المستقيم، والأذن تسمع أحلى كلام يصل الأسماع، والقلب يتنعم بتلك المعانى المؤثرة التي تزرع فيه حب هذا الكتاب وحب منزله العظيم، فيعظم رجاؤه لما عند الله من الخير، ويشتد خوفه أن يصل إليه غضبه أو تناله عقوبته، والعقل يتدبر ذلك الكلام البديع الذي لا يدرك من أسراره إلا الشيء اليسير، وكلما زادت قراءته وتأمله انكشفت له حقائق ودقائق لم تكن مرت عليه من قبل، وإن القرآن الكريم لا ينفع قارئه إلا إذا تدبره، والصوم زمان خصب لتحقيق هذه الغاية الحميدة، ومن الخطأ الكبير أن يكون الهم الأكبر للقارئ فى رمضان وفي غير رمضان الوصول إلى نهاية السورة أو نهاية المصحف بإسراع القراءة وأكل الحروف والكلمات، وقال بعض السلف”لأن أقرأ في ليلتى حتى أصبح بإذا زلزلت، والقارعة، لا أزيد عليهما أتردد فيهما، وأتفكر أحب إلى من أهذ القرآن ليلتي كلها، والقرآن إنما أنزل للتدبر الذى يعقبه العمل به، وإن تدبر القرآن يفتح لصاحبه آفاقا رحبة من الخير العاجل والآجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى