مقال

دنيا ودين ومع إياس بن معاذ ” جزء 1″

دنيا ودين ومع إياس بن معاذ ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكــــرورى

 

لقد أثنى الله تعالى عليهم في كتابه، ونطقت بهم السنة النبوية في مدحهم، ولقد تواترت النصوص في كثير من السياقات وهذا مما يدل على دلالة واضحة وهو على أن الله سبحانه وتعالى حباهم من الفضائل، وخصهم من كريم الخصال، فقد نالوا به ذلك الشرف العالي، وتلك المنزلة الرفيعة عنده، وكما أن الله سبحانه وتعالى يختار لرسالته المحل اللائق بها من قلوب عباده، فإنه سبحانه يختار لوراثة النبوة من يقوم بشكر هذه النعمة، ويليق لهذه الكرامة، وكما قال سبحانه وتعالى فى كتابة الكريم فى سورة الأنعام ” الله أعلم حيث يجعل رسالته ” وقال ابن القيم رحمه الله ” فالله سبحانه أعلم حيث يجعل رسالاته أصلا وميراثا، فهو أعلم بمن يصلح لتحمل رسالته فيؤديها إلى عباده بالأمانة والنصيحة.

 

وتعظيم المرسل والقيام بحقه، والصبر على أوامره والشكر لنعمه، والتقرب إليه، ومن لا يصلح لذلك، وكذلك هو سبحانه وتعالى أعلم بمن يصلح من الأمم لوراثة رسله الكرام والقيام بخلافتهم، وحمل ما بلغوه عن ربهم ” وقال الشيخ السعدي رحمه الله ” الذين يعرفون النعمة، ويقرون بها، ويقومون بما تقتضيه من العمل الصالح ، فيضع فضله ومنته عليهم، دون من ليس بشاكر، فإن الله تعالى حكيم، لا يضع فضله، عند من ليس له أهل” وكما جاءت الآيات والأحاديث بفضلهم وعلو منزلتهم رضى الله عنهم أجمعين، فقد جاءت أيضا بذكر الأسباب التي استحقوا بها هذه المنازل الرفيعة، ومن ذلك قوله تعالى فى سورة الفتح.

 

 

” محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم فى وجوههم من أثر السجود، ذلك مثلهم فى التوراه، ومثلهم فى الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار، وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما ” ومن أعظم موجبات رفعة مكانة الصحابة رضوان الله عليهم، هو ما شهد الله تعالى لهم من طهارة القلوب، وصدق الإيمان، ولقد قال الله تعالى فى كتابة الكريم فى سورة الفتح عن الصحابة الكرام ” لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ”

 

ويقول ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى ” فعلم ما في قلوبهم ” أي من الصدق والوفاء والسمع والطاعة ” وما أحسن ما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ” من كان منكم مستنا فليستن بمن قد مات، فإن الحي لا تؤمن عليه الفتنة، فأولئك أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، كانوا أفضل هذه الأمة، وأبرها قلوبا وأعمقها علما وأقلها تكلفا، فهم قوم اختارهم الله تعالى لصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم، وإقامة دينه، فاعرفوا لهم فضلهم واتبعوهم في آثارهم، وتمسكوا بما استطعتم من أخلاقهم ودينهم، فإنهم كانوا على الهدى المستقيم” ولقد وعد الله تعالى المهاجرين والأنصار بالجنات والنعيم المقيم، وأحلّ عليهم رضوانه سبحانه وتعالى في آيات تتلى إلى يوم القيامة،

 

وقد شهد لهم بالفضل سيد البشر وإمام الرسل والأنبياء، محمد صلى الله عليه وسلم، فقد كان شاهدا عليهم في حياته ، يرى تضحياتهم، ويقف على صدق عزائمهم، فأرسل صلى الله عليه وسلم كلمات باقيات في شرف أصحابه وحبه لهم، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تسبوا أصحابى، والذى نفسى بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحدا ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه ” رواه البخارى ومسلم، وعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” خير الناس قرنى، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم” رواه البخارى، ومعنا صحابى من الصحابة الكرام، هو إياس بن معاذ الأنصاري الأشهلي، وكان غلاما حدثا من سكان يثرب، وقيل أنه أسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى