مقال

الإسراء والمعراج وآيات الله الكبري ” جزء 5″

الإسراء والمعراج وآيات الله الكبري ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإسراء والمعراج وآيات الله الكبري، وإن من عجائب ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسراء ما رواه الطبراني والبزار من أنه صلى الله عليه وسلم رأى المجاهدين في سبيل الله وكيف كان حالهم ورأى تاركي الصلاة وكيف كان حالهم والذين لا يُؤدون الزكاة وكيف كان حالهم والزناة وكيف كان حالهم والذين لا يؤدون الأمانة وكيف كان حالهم وخطباء الفتنة وقد رءاهم تقص ألسنتهم بمقَصات من نار وما أكثرهم في أيامنا هذه، ورأى صلى الله عليه وسلم الذين يتكلمون بالكلمة الفاسدة وما أكثرهم في أيامنا هذه، ورأى إبليس ورأى الدنيا بصورة عجوز، ورأى صلى الله عليه وسلم ءاكلي الربا وكيف كان حالهم ورأى ءاكلي أموال اليتامى وكيف كان حالهم ورأى صلى الله عليه وسلم شاربي الخمر وكيف كان حالهم، والذين يمشون بالغيبة.

 

وكيف كان حالهم ثم شم رائحة طيبة من قبر ماشطة بنت فرعون وكانت مؤمنة صالحة، وفي النهاية فإنها تسير حياة الأغلب منا بعكس ما يحب لها أن تسير، فقد أصبح الاهتمام بسُبل العيش والرزق يطغى على جانب العبادة، ويُعلق ابن القيم حول هذا المعنى فيقول “مشكلة كثير من الناس الاهتمام بالرزق على حساب العبادة، مع العلم أن الرزق والأجل قرينان لا يفترقان، فطالما هناك أجل للمرء هناك رزق وذلك كي تتفرغ لعبادته سبحانه، وإن العبادة كما عرّفها أهل العلم هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة إذ هي الوظيفة العظمى التي خلقنا من أجلها، والعمل الأسمى المطلوب منا، والجزاء هو نجاح في الدنيا وفلاح في الآخرة، وإن الفرد الذي يتمتع بقدر من المعرفة والفهم يدرك جيدا أن الأولى هو قضاء الأوقات.

 

وإنجاز الأعمال بحسب أهميتها، ودرجة إلحاحها، فشريعتنا الغرّاء كما أنها تدعو المسلم للعمل وإعمار الأرض هي ذاتها من تدعوه لإدراك أن الغايةَ من الخلق والإيجاد هي العبادة، وإن الجهل من أسباب ضعف الإيمان، فالجاهل معرض للشبهات التي تزعزع الإيمان وتنقصه، والجاهل يرتكب الخرافات والبدع التي تهدم الدين وتقوض أركان العقيدة، وإن الجهل موت لصاحبه، فالجاهل ميت القلب والروح، وأن الجهل من أسباب الضلال والانحراف، فهو من أهم الأسباب لحصول الضلال والانحراف عن الحق لصاحبه ولغيره، وهو سبب لانحراف كثير من الناس عن الهدى والصواب، ولقد جاءت نصوص قرآنية تحذر من ترؤس الجهلة وتصدرهم لقيادة الأمة، إذ بذلك تجتلب المحن والفتن على المسلمين، وكفى بالعلم شرفا يدعيه من لا يحسنه.

 

ويفرح إذا نسب اليه وكفى بالجهل ذما ان يتبرأ منه من هو فيه، فالعلم كالسراج من مر به إقتبس منه، وليس بعد الفرائض أفضل من طلب العلم، وإن حُسن طلب الحاجة نصف العلم، ولقد صبر المؤمنين على الأذى الشديد وتحملهم ما لا يطيقونه من أجل نصرة الدين، فكان ثبات النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه على الدين، ولم يدفعهم ما مروا به للارتداد عن الإسلام، أو النزول على رغبة الكفار بقتل نبيهم، وكان شيوع قصة حثار شعب أبى طالب بين القبائل خارج مكة، وهذا فيه خير للمسلمين، فقد وصل خبر الإسلام وانتشر دون جهد منهم، فما أن انتهى الحصار حتى توافد الناس من خارج مكة ليعلنوا إسلامهم وقد اغتنم نبي الله صلى الله عليه وسلم الفرص وتخيرها لممارسة الدعوة إلى الله تعالى، حتى في هذا الوقت العصيب، وكانت أخلاق المسلمين تتجلى في حفظهم للمعروف وردهم للجميل لكل من وقف معهم في هذه المحنة.

 

فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو الله تعالى أن يخفف عن عمه أبي طالب عذاب النار، كما منع الصحابة من قتل أبي البختري في غزوة بدر، وأعطى هشام بن ربيعة من غنائم غزوة حنين وزاد له فيها، لقد حثنا الرسول صلى الله عليه وسلم على التفكير العقلي المنطقي المسبق قبل الإقدام على العمل، وهو الدعامة التي يقوم عليها أي عمل جديد، ويحتاج إلى تخطيط مسبق ومنسق، وخطة محكمة بعد التوكل على الله سبحانه وتعالى لقوله صلى الله عليه وسلم “اعقلها وتوكل ” فعلى العاقل أن يتخذ الأسباب ثم يتوكل على الله وقد قال عمر بن الخطاب “اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا” وإن المسلم يخطط تخطيطا بعيدا يتجاوز الحياة الدنيا بالتخطيط لآخرته ومصيره بعد موته، فيتعلم لأجل ذلك التخطيط لحياته الدنيا، ليكتمل النظام في جميع جوانب حياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى