مقال

الدكروري يكتب عن الرسول قدوة المجتمع 

جريده الاضواء

الدكروري يكتب عن الرسول قدوة المجتمع

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة المجتمع كله وخاصة في العمل، لا يأنف من أي عمل يدوي يقوم به ما دام مشروعا وذلك في زمان قد أنف فيه كثير من الأحرار أن يعملوا لأن ذلك حرف العبيد لديهم، ففي صبا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قد خرج في رحلات متتابعة للتجارة في مال السيدة خديجة رضي الله تعالى عنها وقبلها كان يخرج في رحلة الشتاء والصيف إلى اليمن أو الشام مع عمه أبي طالب، وقد رعى الغنم في مكة قبل بعثته المباركة، وقال صلى الله عليه وسلم في ذلك ” ما بعث الله نبيّا إلا رعى الغنم” فقال أصحابه وأنت؟ فقال نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة” وفي بناء المسجد النبوي الشريف تتجلى قيمة العمل في الإسلام حيث يقوم رأس الدولة ذاته بالعمل في البناء وبذل الجهد بيده.

 

ولم يتخذ له حجابا ولا عليّة من دون البناة وحُمّال الحجارة بل كان يحمل معهم ورأى الأصحاب ما لا مثيل له في قيادات البشرية وكذلك في غزوة الأحزاب كان يمسك المعول بيده الشريفة ويفتت به الحجارة الصماء في شق الخندق، وكان الصحابة الكرام يرون الغبار على جلدة بطنه الشريف صلى الله عليه وسلم وفي بيته المبارك حيث تنزلات الملائكة وأنوار العبادة تتجلى قيمة العمل في الإسلام كما روى عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنهما أنه سأل خالته ام المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها بقوله ” قلت لعائشة يا أم المؤمنين أي شيء كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عندك؟ قالت ما يفعل أحدكم في مهنة أهله يخصف نعله ويخيط ثوبه ويرقَع دلوه” ولم يكن الأنبياء المطهرين عليهم السلام.

 

ومعهم الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم أجمعين في معزل عن العمل، بل اقتحموا الميدان على اختلاف مناشطه وجهوده، فعن نبي الله داوود عليه السلام قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” ما أكل أحد طعاما خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده” فقد كان نبي الله داود عليه السلام يعمل في صناعة الدروع الحديدية وما شابهها ومن قصة نبي الله موسى الكليم عليه السلام في أرض مدين نجد أنه قد وافق أن يكون أجيرا، يعمل ويكد بعرق جبينه وهو من أولى العزم الكبار، فقال الله تعالى، كما جاء علي لسان بنت الرجل الصالح ” قالت يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين” وقد عمل جمع من أولى العزم من الأنبياء أيضاً في رعي الغنم، فقال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم

 

“بعث موسي وهو راعي غنم وبعث إبراهيم وهو راعي غنم وبعت أنا وأنا راعي غنما لأهلي بأجياد” وعلى ذلك سارت سنة الأنبياء الكرام يعملون ولا يأنفون، فأبو البشر آدم عليه السلام كان فلاحا يحرث الأرض ويزرع بنفسه، وكان نبي الله إدريس عليه السلام خيّاطا، وكان نبي الله نوح عليه السلام نجارا وخليل الله إبراهيم عليه السلام بناء، وهو الذي بنى الكعبة الشريفة وعاونه في عملية البناء ولده إسماعيل عليهما السلام، وكان نبي الله إلياس عليه السلام نسّاجا، وكان نبي الله عيسى عليه السلام يعمل بالطب وكان لصحابة النبي الكرام رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم، أعمال هم لها في المهن عاملون، فكان الصديق أبو بكر تاجر اقمشة وعمر بن الخطاب دلالا وعثمان بن عفان تاجرا وعلى بن أبي طالب عاملا وكان عبد الرحمن بن عوف تاجرا.

 

والزبير بن العوام خياطا وسعد بن ابى وقاص نبّالا أي يصنع النبال وعمرو بن العاص جزارا وكان ابن مسعود وأبو هريره لديهم مزارع يزرعونها وكان عمار بن ياسر يصنع المكاتل ويضفر الخوص وهكذا كان أصحاب النبي الكريم صلى الله عليه وسلم لهم صنائع وحرف، ومن أشهر مواقف عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه ما جاء عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال ” قدم عبد الرحمن بن عوف، فآخي النبي صلي الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، وعند الأنصاري امرأتان، فعرض عليه أن يناصفه أهله وماله، فقال بارك الله في أهلك ومالك، دلوني علي السوق، فأتي السوق فربح شيئا من أقط وشيئا من سمن.

 

فرآه النبي صلي الله عليه وسلم بعد أيام وعليه وضر من صفرة، فقال صلي الله عليه وسلم “مهيم يا عبد الرحمن” بمعني أن النبي صلي الله عليه وسلم يسأله عن أخبارة فقال تزوجت أنصارية، قال صلي الله عليه وسلم “فما سقت إليها” بمعني أي كم كان مهرها قال وزن نواة من ذهب، قال صلي الله عليه وسلم ” أولم ولو بشاة” أي بمعني أن يذبح لهذا العرس ويقيم وليمه حتي ولو بشاة واحده، وهكذا ضرب لنا الصحابة الكرام والنبي الكريم صلي الله عليه وسلم قبلهم المثل في العمل والكفاح والتوكل والإعتماد علي الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى