مقال

الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن شهادة الزور من أكبر الكبائر ومن أعظم الذنوب، وقد حذر رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، والمقصود من هذا التحذير منها، وإن كان الشرك أكبر والعقوق أكبر لكنها جريمة عظيمة يتعلق بها شر عظيم وظلم للناس، واستحلال الفروج والأموال والأعراض والدماء بغير ما شرع الله، فلهذا صارت جريمة عظيمة، ويجب على ولي الأمر إذا عرف ذلك أن يعاقب شاهد الزور بالعقوبة الرادعة من الجلد والسجن ونحو ذلك مما يكون زاجرا له ولأمثاله، لأنها جريمة يترتب عليها فساد كبير وشر عظيم فاستحق صاحبها أن يعاقب عقوبة رادعة من ولي الأمر، وإن شهادة الزور هى سبب لانتهاك الأعراض، وإزهاق النفوس، وشاهد الزور إذا شهد مرة هانت عليه الشهادة ثانية لأن النفوس بمقتضى الفطرة تنفر عن المعصية وتهابها.

 

فإذا وقعت فيها هانت عليها، وتدرجت من الأصغر إلى ما فوقه وقد قال الله عز وجل ” فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون” فقد أمرنا الله عز وجل، أن نكون مع الصادقين فقال في محكم التنزيل ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين” فعلى الإنسان أن يكون بعيدا عن الصفات التي لا تليق به كمسلم، وأن يكون قدوة للآخرين، وليكن فعله ذلك امتثالا لأمر الله عز وجل، ولقد أنزل الله سبحانه وتعالى إلينا شريعة كاملة فيها الكثير من الأحكام، والعديد من الشرائع، فيها الواجبات والأوامر، وفيها المحرمات والنواهي، فيها الحلال وهو الأكثر، وفيها الحرام وهو الأقل، وما حرم الله سبحانه وتعالى على الناس شيئا إلا لأجلهم، لأجل أن يستقيم دينهم، وتصلح دنياهم.

 

وقد تنوعت هذه المحرمات فكان منها الصغائر، وكان منها الفواقر والكبائر، وإن من هذه الكبائر، هى كبيرة تهاون الناس فيها كثيرا، واستسهلوها، يحسبونها هينة وهي عند الله عظيمة، لها عندهم العديد من المسميات التي يتحايلون بها على أمر الله تعالى، ولكنه ليس لها عند الله تبارك وتعالى إلا اسم واحد، ألا وهو شهادة الزور، فإن هذه الفعلة الشنيعة التي أخبر النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أنها ستنتشر بين الناس في آخر الزمان، فجاء عنه في مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة، وفشوّ التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم” وإن هذه كلها علامات من علامات الساعة.

 

وشاهدنا في هذا الحديث قوله “وشهادة الزور” ستنتشر في آخر الزمان، وقد حصل، انتشرت بين الناس انتشارا مخيفا، حتى إنك لتجد على أبواب المحاكم من يجلس ليس له وظيفة إلا شهادة الزور، مستعد لأن يشهد بالألف والألفين شهادة يوبق بها دينه ودنياه، والعياذ بالله، فإن شهادة الزور في الأصل هي نوع من أنواع الكذب، ويأتى فيها كل ما جاء في الكذب من نهي وتخويف ووعيد، بل إن شهادة الزور كذب مغلظ، وهي أشد قبحا من الكذب العادى، لأنه يترتب عليها منع الحقوق عن أهلها وإعطاء الحقوق لغير مستحقيها، وإن الأصل في الشهادة أن تكون سندا لجانب الحق، وأن تكون معينة للقضاء على إقامة العدل، وأن تساعده على الحكم على الذين يبغون ويظلمون ويعتدون على أموال الناس وأعراضهم وحقوقهم، فإذا صارت الشهادة على العكس من ذلك.

 

إذا صارت الشهادة إلى جانب الباطل، وكانت سببا لتضليل القضاء وصرفه عن الحكم بالعدل، ووقفت في صف المفسدين الظالمين، فإنها عند ذلك تتضمن جريمتين اثنتين، أولاهما صرف الشهادة عن مقصدها، وتضييع المراد منها، فالله تعالى أمر بإقامة الشهادة لنصرة الحق فإذا أقيمت الشهادة لنصرة الباطل خرجت عن مقصودها وضاع الحق بين الناس، والجريمة الثانية، هى الكذب الذى تتضمنه هذه الشهادة، وتضييع الحقوق الذى تتسبب فيه، ومن هنا جاءت النصوص الكثيرة التي تحرم وتشدد في أمر الشهادة بالباطل، وتجرم شهادة الزور، وتؤثم صاحبها، فقال الله عز وجل كما جاء فى سورة الحج ” فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور” وقال ابن مسعود رضي الله عنه في هذه الآية “عدلت شهادة الزور الشرك بالله تبارك وتعالى”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى