مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله إن الله سبحانه وتعالى، إذا أراد بإنسان خيرا يفقهه في الدين، ويجعل فيه الخير والنفع على أمته، ومعنا أحد عظماء هذه الأمة الإسلامية الذي استحق أن يلقب بحجّة الإسلام، حيث كان هناك العديد من الآثار التي قدمها لدينه، ونفع الله تعالي بها أمته، إنه الإمام العالم أبو حامد الغزّالي الطوسي النيسابوري الشافعي الأشعري، أحد أعلام عصره وأحد أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري، وكان يُكنى بأبي حامد لولد له مات صغيرا، ويُعرف بالغزّالي نسبة إلى صناعة الغزل، حيث كان أبوه يعمل في تلك الصناعة، وينسب أيضا إلى الغزالي نسبة إلى بلدة غزالة من قرى طوس، وقد قال عن نفسه الناس يقولون لي الغزالي، ولست الغزالي، وإنما أنا الغزالي منسوب إلى قرية يقال لها غزالة.

 

وقد قال ابن خلكان أن نسبته إلى الغزالي، بتشديد الزاي وهو المشهور، وهو أصح من نسبته إلى الغزالي، ويؤكد ذلك ما رواه الرحّآلة ياقوت الحموي بأنه لم يسمع ببلدة الغزالة في طوس، كما يُعرف بالطوسي وذلك نسبة إلى بلدة طوس الموجودة في خراسان، والتي تعرف الآن باسم مدينة مشهد موجودة في إيران، وقد اختلف الباحثون في أصل الغزالي أعربي أم فارسي، فهناك من ذهب على أنه من سلالة العرب الذين دخلوا بلاد فارس منذ بداية الفتح الإسلامي، ومن الباحثين من ذهب إلى أنه من أصل فارسي، وكان فقيها وأصوليا وفيلسوفا، وكان صوفي الطريقة، شافعي الفقه إذ لم يكن للشافعية في آخر عصره مثله، وكان على مذهب الأشاعرة في العقيدة، وقد عُرف كأحد مؤسسي المدرسة الأشعرية في علم الكلام، وأحد أصولها الثلاثة بعد أبي الحسن الأشعري.

 

وكانوا الباقلاني والجويني والغزالي، وقد لقب الإمام أبو حامد الغزالي بألقاب كثيرة في حياته، أشهرها لقب حجّة الإسلام، وله أيضا ألقاب مثل زين الدين، ومحجّة الدين، والعالم الأوحد، ومفتي الأمة، وبركة الأنام، وإمام أئمة الدين، وشرف الأئمة، وكان له أثر كبير وبصمة واضحة في عدة علوم مثل الفلسفة، والفقه الشافعي، وعلم الكلام، والتصوف، والمنطق، وترك عددا من الكتب في تلك المجالات، وقد ولد وعاش في طوس، ثم انتقل إلى نيسابور ليلازم أبا المعالي الجويني وهو الملقّب بإمام الحرمين، فأخذ عنه معظم العلوم، ولمّا بلغ عمره أربعة وثلاثين سنة، رحل إلى بغداد ليقوم بالتدريس في المدرسة النظامية في عهد الدولة العباسية بطلب من الوزير السلجوقي نظام الملك، وفي تلك الفترة اشتهر شهرة واسعة، وصار مقصدا لطلاب العلم الشرعي من جميع البلدان.

 

حتى بلغ أنه كان يجلس في مجلسه أكثر من ربعمائة من أفاضل الناس وعلمائهم يستمعون له ويكتبون عنه العلم، وبعد مرور أربع سنوات من التدريس قرر اعتزال الناس والتفرغ للعبادة وتربية نفسه، متأثرا بذلك بالصوفية وكتبهم، فخرج من بغداد خفية في رحلة طويلة بلغت إحدي عشر سنة، وتنقل خلالها بين دمشق والقدس والخليل ومكة والمدينة المنورة، وكتب خلالها كتابه المشهور إحياء علوم الدين خلاصة لتجربته الروحية، وعاد بعدها إلى بلده طوس متخذا بجوار بيته مدرسة للفقهاء، وخانقاه وهو مكان للتعبد والعزلة للصوفية، ولد الغزالي عام ربعمائة وخمسون من الهجرة، الموافق ألف وثماني وخمسين ميلادي، في الطابران من قصبة طوس، وهي أحد قسمي طوس، وقيل بأنه وُلد عام ربعمائة وواحد وخمسين للهجرة، الموافق ألف وتسع وخمسين ميلادي.

 

وقد كانت أسرته فقيرة الحال، إذ كان أباه يعمل في غزل الصوف وبيعه في طوس، ولم يكن له أبناء غير أبي حامد، وأخيه أحمد والذي كان يصغره في السن وكان أبوه مائلا للصوفية، لا يأكل إلا من كسب يده، وكان يحضر مجالس الفقهاء ويجالسهم، ويقوم على خدمتهم، وينفق بما أمكنه إنفاقه، وكان كثيرا يدعو الله أن يرزقه ابنا ويجعله فقيها، فكان ابنه أبو حامد، وكان ابنه أحمد واعظا مؤثرا في الناس، ولما قربت وفاة أبيهما، وصّى بهما إلى صديق له متصوف، وقال له إِن لي لتأسفا عظيما على تعلم الخط وأشتهي استدارك ما فاتني في ولدي هذين فعلمهما ولا عليك أن تنفذ في ذلك جميع ما أخلفه لهما، فلما مات أقبل الصوفي على تعليمهما حتى نفد ما خلفهما لهما أبوهما من الأموال، ولم يستطع الصوفي الإنفاق عليهما، عند ذلك قال لهما اعلما أني قد أنفقت عليكما ما كان لكما.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى