مقال

الدكروري يكتب عن آداب التصدق والإنفاق

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن آداب التصدق والإنفاق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن للصدقة والإنفاق آداب، فمن أهمها الإخلاص لله تعالى فيها، فعدم الإخلاص يبطلها ويحبط أجرها، والبعض يتصدق قاصدا للرياء والسمعة، والمباهاة والتفاخر، فهذا يعاقب بأشد العقوبة يوم القيامة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” ويؤتى بصاحب المال فيقول كنت أصل الرحم وأتصدق، فيقول الله تعالى له كذبت، وتقول له الملائكة كذبت، ويقول الله تعالى” بل أردت أن يقال فلان جواد، فقد قيل” رواه الترمذى، ومن آداب الصدقة المفروضة هو تقديمها على الصدقة المستحبة، وعدم تأخيرها عن وقتها، فإذا وجبت عليه زكاة في ماله، أو زرعه، أو تجارته وجب عليه أن يخرجها في وقتها، وهي من أركان الإسلام، وأحب ما يتقرب به العبد إلى الله تعالى أداء الفرائض، فلا يؤخرها لغير عذر لكي لا يتعرض لسخط الله تعالى، ومن الآداب أيضا هو عدم إبطال الصدقة بالمنّ والأذى.

 

بل يرى أن المنة لله تعالى أولا، إذ أعطاه المال، وأنعم عليه، وخلصه من شح النفس، ثم إن المؤمن العاقل يرى أن المحتاج هو صاحب المنة عليه، إذ قبل منه صدقته، وأتاح له فرصة اكتساب الأجر والثواب من الله تعالى، وكان بعض الصالحين يقول ” والله، إني لأرى الفقير صاحب منة عليّ، ولولا أن الله عز وجل جعله يقبل صدقتي لحُرمت الأجر والثواب من الله تعالى” وعلى المتصدق أن يُسرّ بصدقته ما استطاع، إلا إذا كان في إعلانها مصلحة راجحة، وأخبر النبى صلى الله عليه وسلم، أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ” رجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” رواه البخاري ومسلم، ومن الآداب أيضا أن تكون الصدقة من كسب طيب، أى من مال حلال فإن ذلك سبب في قبولها، ونماء أجرها.

 

ومن الآداب أيضا أن يتحرى بصدقته المحتاجين حقا، ولا يعطيها لمن لا يعرف، فالزكاة الواجبة لا تصح إلا لأهلها، وقد بيّن الله تعالى أصناف المستحقين للزكاة فقال تعالى فى سورة التوبة ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها وفى الرقاب والعارمين وفى سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم” ومن آداب الصدقة هو تقديم ذوى الرحم إن كانوا من ذوى الحاجة، ولا يوجد من يصلهم بالمال، فحقهم أعظم من حق غيرهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” الصدقة على المسكين صدقة، وهى على ذى رحم ثنتان صدقه وصلة” رواه الترمذي والنسائي، وكلما زادت درجة القرابة كلما زاد أجر المتصدق على صدقته، ومن آداب الصدقة هو عدم الرجوع فيها، فلا يجوز استردادها ممن أخذها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم.

 

” مثل الذى يتصدق بصدقه ثم يعود فى صدقته، كمثل الكلب يقئ ثم يأكل قيأه” ومن الآداب أيضا أن يقدم الجيد من المال في الصدقة، ولا يقدم الرديء من الطعام، أو الخبيث من المال في الصدقة، وإن استطاع أن يتصدق بشيء مما يحبه من مال، وطعام، ولباس، ونحوه، فله أعظم الأجر من الله تعالى، ومن الآداب أيضا أن يرى المتصدق حال صدقته نعمةَ الله عليه إذ أغناه، ولم يحوجه إلى أخذ الصدقة بل جعل يده هي العليا، وجعله هو المعطي، لا الآخذ، وهي نعمة عظيمة تستوجب الاجتهاد في شكرها بطاعة الله تعالى، والإكثار من الصدقة، والعطف على الفقراء والمساكين، وذوي الحاجات، ومن آداب الصدقة أن يخرج المال طيبة به نفسه، فلا يكون كارها لذلك، فمن صفات المنافقين أنهم ” لا ينفقون إلا وهم كارهون” وأما المؤمنون فقد أثنى الله عز وجل عليهم.

 

بأن “أعينهم تفيض دمعا حزنا ألا يجدوا ما ينفقون” ومن آداب الصدقة أن تكون في وقت السعة، والصحة والعافية، والشباب، والحاجة، والخوف من الفقر، وإن من الأصناف السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهو صنف من يقول “إني أخاف الله” حين تدعوه امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها، وكذلك المرأة العفيفة التي تقول “إني أخاف الله” حين يدعوها الرجال بمغريات المال والجاه والشباب، فيتخلصان من فتنة الشهوات بما عندهما من إيمان راسخ، وخوف من رب لا يضيع عنده أجر المحسنين، وأيضا من أولئك السبعة السعداء الأبرار، وهو رجل تصدق بصدقه فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه” فانظر إلى الأعمال الصالحة، كيف تكون ظلا لصاحبها يوم القيامة؟ كما قال أبو موسى الأشعرى رضي الله عنه” الشمس فوق رؤوس الناس يوم القيامة، فأعمالهم تظلهم أو تضحيهم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى