مقال

الدكروري يكتب عن حق الفقير في مال الغني

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن حق الفقير في مال الغني

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الزكاة هي حق الفقير في مال الغني، وهو حق ديني مقدس، أما الضرائب فهى حق الدولة، ويشترك في الانتفاع منها كل الناس، المسلم وغير المسلم، والغني والفقير على السواء، فالضرائب لا تنوب عنِ الزكاة أبدا، وأما عن قضاء الفوائت من الزكاة فإن هناك فريق من الناس ربما أنه نسي الزكاة سنين عددا، فلم يؤدها على حقها، فليتقى الله، وليراجع نفسه، ويخرجها كاملة غير منقوصة بحساب دقيق، قبل أن يعرض على الله تعالى في يوم عظيم، فمن العبادات التي أوجبها الله على المسلمين هى الزكاة، ومنها زكاة الفطر، وقد شرعها الله للصائمين تطهيرا للنفس من أدران الشح، وتطهيرا للصائم مما قد يؤثر فيه، وينقص ثوابه من اللغو والرفث، ومواساة للفقراء والمساكين، وإظهارا لشكر نعمة الله تعالى على العبد بإتمام صيام شهر رمضان وقيامه.

 

وفعل ما تيسر من الأعمال الصالحة فيه، وروى أبوداود في سننه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال” فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، وطعمة للمساكين” وتجب زكاة الفطر على كل مسلم ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو عبدا إذا ملك المسلم صاعا زائدا عن حاجته وأهل بيته في يوم العيد وليلته، وروى البخارى ومسلم في صحيحيهما من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم “زكاة الفطر صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين، وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة” وإن أخرجها عن الحمل تطوعا فلا بأس بذلك، وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال.

 

“كنا نعطيها في زمان النبي صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب” وفي رواية عنه “وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر” وينبغي للمسلم أن يخرج أطيب هذه الأصناف وأنفعها للفقراء والمساكين فلا يخرج الردئ، وذهب أهل العلم أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله إلى أنه يجزئ عن المسلم أن يخرج زكاة الفطر من غير الأصناف المذكورة في حديث أبي سعيد الخدري، ما دامت هذه الأصناف من جنس ما يقتات به أهل البلد مثل الأرز وغيره، والمراد بالصاع الوارد في زكاة الفطر أربعة أمداد، والمد أى ملء كفي الرجل المتوسط اليدين من البر الجيد ونحوه، وهو ما يساوي ثلاثة كيلو تقريبا، ولإخراج زكاة الفطر وقتان، الأول هو وقت يبدأ من غروب الشمس ليلة العيد.

 

وأفضله ما بين صلاة الفجر وصلاة العيد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور، وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته” وإن من أعظم أنواع الصدقة، أن تنظر المعسر أو تتجاوز عنه، فقال تعالى فى سورة البقرة ” وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون” وقال أبو اليسر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” من نظر معسرا أو وضع عنه أظله الله فى ظله” رواه مسلم، وهذا يعني أن يوم القيامة عسير، لكنه على المؤمن يسير، ومن أعظم أسباب يسره، التيسير على المعسر، الذى لم يستطع سداد الدين، فنمهله حتى ييسر الله عليه، أو نسقط عنه الدين، فقال صلى الله عليه وسلم ” من يسر على معسر، يسر الله عليه فى الدنيا والآخرة” رواه مسلم.

 

ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم”تصدق بصدقة” بالتنكير، يفيد مطلق الصدقة، سواء كانت كثيرة أم قليلة، ولذلك أوصى النبى الكريم صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها، فقال ” يا عائشة استترى من النار ولو بشق تمره، فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان” وتصدقت السيدة عائشة رضى الله عنها بعنبة وقالت “كم فيها من مثقال ذرة” وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقة ” فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه” هو دليل على المبالغة في الإسرار والاستتار بصدقته، حتى لو افترضنا أن اليد اليسرى تعقل، لما علمت بصدقة اليد اليمنى، والأظهر في الصدقة أن تكون سرا، إلا إذا وجدت مصلحة تقتضي الإعلان، وكان علي زين العابدين يوزع جرابا من الخبز على مائة أسرة من أهل المدينة ليلا سرا، وكان يقول”إن صدقة السر تطفئ غضب الرب عز وجل” وما كشفوا أمره حتى توفي رحمه الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى