مقال

الدكروري يكتب عن ميزان القياس فى أيدى الناس

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن ميزان القياس فى أيدى الناس

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله الذي أوجد الكون من عدم ودبره، وخلق الإنسان من نطفة فقدره، ثم السبيل يسره، ثم أماته فأقبره، ثم إذا شاء أنشره، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أصحابه عن ذكرهم للموت كما كان يوصيهم بأي منقبة أخرى، ومن كان قليل الذكر للموت كان الرسول صلى الله عليه وسلم يُسقطه من عينه كما في بعض الروايات، ولقد أصبح الغنى والفقر والمال في هذه الأيام مقياسا عاما للحكم على الأشياء والأشخاص وتناسى الناس قيمة الاصل الطيب والاصول الاجتماعية للاشخاص فاختل ميزان القياس فى أيدى أناس كثيرين تزداد شكواهم من كثرة الصدمات التى يواجهونها بسبب حدة وسوء طباع بعض البشر.

 

وربما يعود جانبا كبيرا من تغير المفاهيم المجتمعية بسبب تغير تركيبة المجتمع المصرى وانتشار وسائل الاعلام من الفضائيات والأنترنت ومواقع التواصل الاجتماعى التى تسمى بمواقع التباعد الاجتماعى لأنها كسرت الروابط الإنسانية بين البشر بالإضافة الى موجات الافلام الرديئة التى سميت بأفلام المقاولات والتى ضربت قيم المجتمع فى مقتل بنشر صور العرى والمخدرات ونماذج القبح الاجتماعى لتستكمل بعدها افلام العنف نفس المسار بدلا من السينما والمسرح اللذين كان يقدمان قيما ومعانى إنسانية راقية لتؤثر كل هذه الاسباب فى تغيب دور التوعية والفكر والثقافة فى تشكيل وعى الإنسان المصرى مايحتاج لنظرة جديدة.

 

واهتماما من الدولة فى إعادة بناء المجتمع والانسان المصري، وإن أقل الصدق هو استواء السر والعلانية والصادق من صدق في اقواله والصدّيق من صدق في جميع اقواله وأفعاله وأحواله، لقد كان في ذلك الصحابي عبد الله بن أم مكتوم رضي الله عنه عبرة وعظبة ودرس عظيم في الصدق مع الله عز وجل، وقد عذره الله، فهو رجل كبير السن وأعمى لكن لم يعفية النبي صلي الله عليه وسلم من المسئولية، فعن عبد الله ابن أم مكتوم أنه سأل النبي صلي الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني رجل ضرير البصر شاسع الدار ولي قائد لا يلائمني فهل لي رخصة أن أصلي في بيتي؟ قال صلي الله عليه وسلم ” هل تسمع النداء؟

 

قال نعم، قال صلي الله عليه وسلم ” لا أجد لك رخصة” كما لم يعذر نفسه، ولم يخلد إلى الراحة والدعة، ولم يتنصل عن مسؤوليته تجاه قضايا الأمة، فلم يري أنه يسعه أن يدع فرصة يخدم فيها الدين تفلت منه، حتى ولو كان هنالك في مواقع القتال وقعقعة السيوف، وطعن الرماح وإراقة الدماء، فقرر أن يخرج مع كتائب المسلمين لملاقاة الفرس، قالوا له قد عذرك الله، قال أكثر سوادكم، وعندما خرج طلب أن توكل إليه المهمة التي تناسبه وتليق به، فقال إني رجل أعمى لا أفر، فادفعوا إلي الراية أمسك بها، فأمسك بها حتى استشهد رضي الله عنه، وإن من درجات الصدق أن لا يتمنى الحياة إلا للحق.

 

ولا يشهد من نفسه إلا أثر النقصان، ولا يلتفت إلى ترفيه الرخص، فهو لا يحب أن يعيش إلا ليشبع من رضا محبوبه، ويقوم بعبوديته لا لعلة من علل الدنيا وشهواتها، ولا يرى نفسه إلا مقصرا قليل الزاد، ومن درجات الصدق أيضا هو الصدق في معرفة الصدق، فإن العبد إذا صدق الله رضي الله بعمله وحاله ويقينه لأنه قد رضي بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، فرضي الله به عبدا، ورضي بأقواله وأعماله القائمة على الإخلاص والمتابعة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى