مقال

الدكروري يكتب عن في الموت عظة وتذكير

الدكروري يكتب عن في الموت عظة وتذكير

بقل / محمـــد الدكـــروري

 

إن هناك بعض الناس تجد أن علمهم سطحي، يتعلق بظواهر الحياة، ولا يتعمق سننها الثابتة، وقوانينها الأصيلة، ولا يدرك نواميسها الكبرى، وارتباطاتها الوثيقة، والذي لا يتصل قلبه بضمير ذلك الوجود، ولا يتصل حسه بالنواميس والسنن التي تصرفه، فيظل ينظر وكأنه لا يرى، ويبصر الشكل الظاهر والحركة الدائرة، ولكنه لا يدرك حكمته، ولا يعيش بها ومعها، وإن الله عز وجل بحكمته البالغة وعلمه الذي وسع كل شيء، خلق العباد لعبادة رب العباد فقال تعالي ” وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون” فمن رحمة الله تعالى بخلقه أن هداهم سبل النجاة وميزهم بالحكمة والعقل لاختيار الطريق الأمثل، الذي يؤدي إلى جنة الخلد وملك لا يبلى، فالكل مفطور على عبادة ربه سبحانه وتعالى إلا من زاغ.

 

واتبع غير سبيل المؤمنين فذاك يوليه الله ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرا، والإنسان منذ أن كان ترابا ثم نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم تخلق هذه المضغة فتكون جنينا ثم يتبين خلق هذا الجنين ثم يخرج طفلا، في ذلك كله وبعده فهو مفطور على عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، وبعد أن يتم الحولين، ثم ينشأ بين أهله وأقرانه وأقاربه فيكون شابا يافعا ثم يكون رجلا، ثم يكون كهلا، ثم يرد إلى ربه تعالى فيأتيه ملك الموت ذلك الزائر الذي لا يتوارى منه أحد، ولا يهرب منه مطلوب، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ” ففي الموت عظة وتذكير، وتنبيه وتحذير، والموت هو الخطب الأفظع والأمر الأشنع والكأس التي طعمها أكره وأبشع.

 

وإنه الحادث الهادم للذات والقاطع للراحات والجالب للكريهات فإنه أمر يقطع أوصالك ويفرق أعضاءك، ويهدم أركانك، ولكننا نسيناه أو تناسيناه، وكرهنا ذكره ولقياه، مع يقيننا أنه لا محالة واقع وحاصل، ولا مفر منه ولا حائل، وكان من هدي النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في الجنائز أكمل الهدي، مخالفا لهدي سائر الأمم مشتملا على الإحسان إلى الميت ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده وعلى الإحسان إلى أهله وأقاربه، وعلى إقامة عبودية الحي لله وحده فيما يعامل به الميت، وكان من هديه في الجنائز إقامة العبودية للرب تبارك وتعالى على أكمل الأحوال، والإحسان إلى الميت وتجهيزه إلى الله على أحسن أحواله وأفضلها، ووقوفه صلى الله عليه وسلم ووقوف أصحابه صفوفا يحمدون الله ويستغفرون للميت.

 

ويسألون له المغفرة والرحمة والتجاوز عنه، ثم المشي بين يديه إلى أن يودعوه في حفرته ثم يقوم هو وأصحابه بين يديه على قبره سائلين له التثبيت أحوج ما كان إليه، ثم يتعاهده بالزيارة له في قبره، والسلام عليه والدعاء له كما يتعاهد الحي صاحبه في دار الدنيا، وأيضا يستحب تلقين المحتضر، لا إله إلا الله، لقوله صلى الله عليه وسلم ” لقنوا موتاكم لا إله إلا الله” رواه مسلم، وذلك لتكون هذه الكلمة الطيبة آخر كلامه، ويختم له بها فقد قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم “من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، دخل الجنة” ولأن الشيطان يعرض للإنسان في حالة احتضاره ليفسد عقيدته، فإذا لقن هذه الكلمة العظيمة، ونطق بها فإن ذلك يطرد عنه الشيطان، ويذكره بعقيدة التوحيد.

 

فإذا قضى وأسلم الروح فليغمضوا عينيه، وليدعوا له بالمغفرة والرحمة ورفع الدرجات، وأن يفسح الله له في قبره، وأن ينوره عليه، وما شاء الله من الدعاء، ثم يغطى بثوب أو غطاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى