مقال

تولوا وهم معرضون

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن تولوا وهم معرضون
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 15 نوفمبر 2023

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله الطيبين وصحبه أجمعين، أما بعد يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديث “أول ثلاثة تسعر بهم النار” أن الله يقول لكل منهم “كذبت، وإنما قرأت أو تصدقت أو قاتلت ليقال كذا وكذا” أي وليس صدقا في طلب الثواب من الله عز وجل، وإن من علامات صدق النية والرغبة في الأجر، هو كتمان المصائب والطاعات جميعا، وكراهة اطلاع الخلق على ذلك، وهناك الصدق في العزم والوفاء، كأن يقول إن أتاني الله مالا تصدقت بجميعه، فقد يقول ذلك مع عدم صدق العزيمة، بل مع التردد أو خلو القلب من الصدق والإصرار على ما يتلفظ به، وقد يقول ذلك مع عزيمة ثم يترك الصدق في الوفاء عند تمكنه من ذلك.

ومن هنا يقول الله تعالى فى سورة التوبة “ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين، فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون، فأعقبهم نفاقا فى قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون ” فأين هؤلاء ممن قال الله عز وجل فيهم “من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما” وهناك أيضا الصدق في العمل، والبذل بالإتقان، واستفراغ الجهد، ومن هذا القبيل قول سعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم، إنا لصبر في الحرب، صدق عند اللقاء، أي صادقون في الحرب والقتال، نثبت ونستفرغ الجهد.

وقال صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” وإن الصدق يكون في الأقوال وهو استواء اللسان على الأقوال كاستواء السنبلة على ساقها، فحق على كل عبد أن يحفظ ألفاظه، ولا يتكلم إلا بالصدق، وصدق اللسان أشهر أنواع الصدق وأظهرها، وأن يتحرز من الكذب ومن المعاريض التي تجانس الكذب، وينبغي أن يراعي معنى الصدق في ألفاظه التي يناجي بها ربه كقوله تعالى ” وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض” فإن كان قلب العبد منصرفا عن الله منشغلا عن الدنيا وهو يقول وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض في الصلاة في الاستفتاح فهو كاذب، ومن الأقوال التي ينبغي الحرص على الصدق فيها الحلف والقسم، فقد ورد عن ابن عمر رضى الله عنهما قال.

“سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يحلف بأبيه فقال ” لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق ومن حُلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله حديث صحيح “رواه ابن ماجة وقال أيضا “ويمينك على ما صدقك به صاحبك ” رواه مسلم، فلا يجوز لك أن تورّي فيه، ولا تجوز التورية في القسم عند القاضي، أو عند الشخص الذي تريد أن تقسم له إذا كان صاحب حق، فلا تنفعك توريتك في اليمين، وهي حرام والواجب أن تكون يمينك على ما يصدقك به صاحبك ويفهم من كلامك، فلو حلف أنه مثلا، لم يأخذ منه مالا ونوى في نفسه أنه لم يأخذ منه مالا في هذا المجلس، فلا ينفعه ذلك ولا يجعل المال حلالا له، يمينك على ما صدقك به صاحبك، والحقوق لا يجوز لك أبدا التورية فيها، وقال صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى