مقال

نعمة الخلق والإيجاد

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن نعمة الخلق والإيجاد
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 19 مارس 2024

الحمد لله جعل الحمد مفتاحا لذكره، وجعل الشكر سببا للمزيد من فضله، ودليلا على آلائه وعظمته، قضاؤه وحكمه عدل وحكمة، ورضاه أمان ورحمة، يقضي بعلمه، ويعفو بحلمه، خيره علينا نازل، وتقصيرنا إليه صاعد، لا نقدر أن نأخذ إلا ما أعطانا، ولا أن نتقي إلا ما وقانا، نحمده على إعطائه ومنعه وبسطه وقدره، البر الرحيم لا يضيره الإعطاء والجود، ليس بما سُئل بأجود منه بما لم يُسأل، مسدي النعم وكاشف النقم، أصبحنا عبيدا مملوكين له، له الحُجّة علينا ولا حُجّة لنا عليه، نستغفره ونتوب إليه مما أحاط به علمه وأحصاه في كتابه، علم غير قاصر وكتاب غير مغادر وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله سيد البشر أجمعين ورسول رب العالمين.

فصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، ثم أما بعد إذا كان المسيطرون في مجتمعاتهم يعملون لهم تلك الأمور للسيطرة على عقولهم، والتحكم في مقدرات أمورهم، لسلب أموالهم واستعبادهم، فإن الإسلام قضى على ذلك بحسن التوكل على الله، وملء القلب إيمانا بخشيته ومراقبته، فقد جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة.

حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها” ويقول النبى صلى الله عليه وسلم في حسن التوكل، وتسليم الأمر لله ” لو تتوكلون على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصاً وتروح بطانا” وحسن التوكل على الله لا يكون إلا مع كمال الإيمان، ذلك العمل الذي يطمئن النفوس ويزيل عن القلوب القلق والضجر، وفي سبيل المحافظة على المال، والاهتمام بأداء حق الله فيه، ويقول صلى الله عليه وسلم “ما نقص مال من صدقة أو ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع عبدالله إلا رفعه الله”

وتحصين المال وحراسته والاطمئنان عليه هى بالزكاة التي تذهب للفقراء والمحتاجين، فتحسن من حالهم وتريح ضمائرهم كما جاء في الأثر “حصنوا أموالكم بالزكاة” وإن أعظم نعمة على الإنسان هى نعمة الخلق والإيجاد، فالعدم ليس شيئا ولا يمكن أن يكون العدم متصفا بشيء، وليس هذا الخلق والإيجاد للمخاطبين وحدهم، بل الخلق والإيجاد للجنس البشري على هذا الكوكب الأرضي، وإن الغاية من خلق المخلوقات لتؤدي وظيفة في هذه الحياة فيقول الله تعالى فى سورة المؤمنون ” أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون” والسبب الثاني وهو الداعية إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وإن خلق الأرض بهذه الكيفية، وجعلها ممهدة موطأة الأكناف، قدّر فيها في باطنها وعلى ظهرها وفي غلافها الجوي.

وفي مدارها الفضائي، وفي دورانها حول نفسها لتتلقى ساحاتها الضياء من الشمس والنور من القمر، وفي دورانها الفلكي حول الشمس لتتنوع فصول السنة كل ذلك بتقدير العزيز العليم لتكون الأرض السكن والمنزل الوفير الأثير، والفراش الممهد، وإنها نعمة عظيمة لم يكن للإنسان دور في خلقها ولا في وضع الخصائص والأقوات فيها، إنها نعم ربانية تحيط بالإنسان، ومقابل ذلك كلف بالاعتراف لواهبها بالشكر والامتنان والتوجه إليه بالعبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى