مقال

إنما الأعمال بالخواتيم

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إنما الأعمال بالخواتيم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الاثنين الموافق 25 مارس 2024

الحمد لله الذي كان بعباده خبيرا بصيرا، وتبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا، وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا، وتبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا، ثم أما بعد وهكذا تمر الأيام فمنذ أيام قريبة مضت كنا نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان، وأن يمد فى أعمارنا وينسأ في آجالنا حتى ندركه، وعاهدنا الله عهودا كثيرة إن هو أبقانا إلى رمضان، عهودا على الطاعة وبذل الجهد واستفراغ الوسع فى العبادة وعمل الصالحات، واستجاب الله دعاءنا بمنه، وبلغنا رمضان بفضله وكرمه، وجاء رمضان وكما هي عادة الأيام المباركات تمر مسرعا، حتى انقضى نصف الشهر المبارك ولم يبق النصف الثاني وما هو إلا القليل حتى نعزى أنفسنا بانتهاء رمضان.

فينبغى على كل منا قبل انقضاء رمضان أن يقف وقفة يحاسب فيها نفسه، ماذا قدم فيما مضى؟ وماذا يرجو مما بقي؟ حتى لا يخرج من رمضان كما دخل فيه، فما يدرينا هل ندرك رمضان آخر، أم تسبق إلينا الآجال وتنقطع منا الأعمال، فلابد من هذه الوقفة للمحاسبة لتعرف أين أنت، وماذا استفدت من صيامك وقيامك، وهل تحقق مقصود الله فيك من فرض الصيام؟ وهل حققت أهدافك، وتيسرت لك أمنياتك ورغباتك، فغفرت ذنوبك، وتقبلت طاعاتك، واعتقت رقبتك من النار؟؟ ولقد ذكر النبى صلى الله عليه وسلم صائمين ليس لهم من صيامهم إلا الجوع والعطش، وذكر عليه الصلاة والسلام قائمين ليس لهم من قيامهم إلا طول السهر، ذاك أنهم لم يعرفوا من الصيام إلا الإمساك عن الطعام والشراب، ولم يدركوا مقاصد شهر رمضان.

فإذا رأيت بعد هذه الوقفة أنك قد أحسنت فيما مضى فاحمد لله تعالى على فضله واشكر الله على نعمة التوفيق بالاستقامة والإستزادة، وإن كانت الأخرى فرأيت تقصيرا أو تفريطا، فاعلم أنه ما زال فيما بقى من رمضان مستعتب، وأن الفضل المخزون في هذه العشر يحيل القنوط ويمنع اليأس ويبعث على الأمل والعمل، عسى أن يكون آخر الشهر خيرا لك من أوله، وقال بعض العلماء العبد الموفق من أدرك أن حسن النهاية يطمس تقصير البداية، وما يدريك لعل بركة عملك في رمضان مخبأة فى آخره، فإنما الأعمال بالخواتيم، ولنعلم أن فى العشر الأواخر ليلة القدر، ومن رحمة الله تعالى أن خبأها فى هذه العشر، وجعلها أرجى وجودا في ليالي الوتر منها حتى نكثر من التعبد، وهي ليلة العمر.

فعن أبى هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه” رواه البخارى ومسلم، وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “شهر رمضان فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم” رواه أحمد والنسائى، ثم أخبر أنها فى العشر الأواخر فقال “تحروا ليلة القدر فى العشر الأواخر من رمضان” متفق عليه، وعند البخارى ” فى الوتر من العشر الأواخر” ولك أن تتخيل أن عبدا قام لله تعالى ليلة واحدة كانت له كعبادة ألف شهر، أو ما يعادل ثلاثة وثمانين سنة، أى فضل هذا وأى نعمة تلك؟ فمن حرم خيرها فهو المحروم، ومن أعرض عنها فهو المغبون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى