مقال

البعد عن الوثنيات والعادات المنحرفة

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن البعد عن الوثنيات والعادات المنحرفة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله على جزيل النعماء، والشكر له على ترادف الآلاء، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، إمام المتقين، وسيد الأولياء، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله الأصفياء، وأصحابه الأتقياء، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ثم أما بعد إنه رغم نشأة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في أجواء الجاهلية إلا أنه منذ صغره لم يتلوث بأي من هذه الوثنيات والعادات المنحرفة، ولم ينخرط مع أهل قبيلته في غيهم وظلمهم، بل حفظه الله من الوقوع في أن من ذلك منذ نعومة أظفاره، وينتسب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أسرة عريقة ذات نسب عظيم عند العرب، فقد كان أجداده من أشراف العرب وأحسنهم سيرة وقد ولد صلى الله عليه وسلم ، يتيما فقيرا، فقد توفي والده عبد الله أثناء حمل أمه آمنة بنت وهب فيه.

وكان من عادة العرب أن يدفعوا أولادهم عند ولادتهم إلى مرضعات يعشن في البادية ، لكي يبعدوهم عن الأمراض المنتشرة في الحواضر، ولتقوى أجسادهم، وليتقنوا لغة العرب الفصيحة في مهدهم، فأرضعته أولا ثويبة مولاة أبي لهب بلبن ابنها مسروح أياما قبل أن تقدّم حليمة السعدية، وكانت أرضعت قبله صلى الله عليه وسلم، عمه حمزة بن عبد المطلب، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة يكرماها، واعتقها أبو لهب بعد الهجرة، فكان صلى الله عليه وسلم، يبعث إليها من المدينة بكسوة وصلة حتى ماتت، فسأل عن ابنها مسروح، فقيل مات، فسأل عن قرابتها، فقيل ماتوا، وقد دفعت آمنة بنت وهب وليدها محمد صلى الله عليه وسلم إلى مرضعة من بني سعد تسمى حليمة وأرضعته حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية، من بني سعد بن بكر.

وكان أهل مكة يسترضعون لأولادهم نساء أهل البادية طلبا للفصاحة، ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم ” أنا أفصح من نطق بالضاد، بيد أني من قريش واسترضعت في بني سعد” وقد جاء عشرة نسوة من بني سعد بن بكر يطلبن الرضاع، وفيهن حليمة، فأصبن الرضاع كلهن إلا حليمة، وكان معها زوجها الحارث المكنى أبا ذؤيب، وولدها منه عبد الله، فعرض عليها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم فقالت يتيم ولا مال له، وما عست أمه أن تفعل، فخرج النسوة وخلفنها، فقالت لزوجها ما ترى قد خرج صواحبي، وليس بمكة غلام يسترضع إلا هذا الغلام اليتيم، فلو أنا أخذناه، فإني أكره أن أرجع بغير شيء ، فقال لها خذيه عسى الله أن يجعل لنا فيه خيرا، فأخذته فوضعته في حجرها، فدرّ ثدياها حتى روي وروي أخوه، وكان أخوه لا ينام من الجوع.

وقد رأت حليمة العجائب من بركة هذا الطفل المبارك محمد صلى الله عليه وسلم حيث زاد اللبن في صدرها، وزاد الكلأ في مراعي أغنامها، وزادت الأغنام سمنا ولحما ولبنا، وتبدلت حياة حليمة من جفاف وفقر ومشقة ومعاناة إلى خير وفير وبركة عجيبة، فعلمت أن محمد صلى الله عليه وسلم كونه ليس مثل كل الأطفال، بل هو طفل مبارك، واستيقنت أنه شخص سيكون له شأن كبير، فكانت حريصة كل الحرص عليه وعلى وجوده معها، وكانت شديدة المحبة له فبقي عندها سنتين حتى فطم، فقدموا به على أمه زائرين لها، وأخبرتها حليمة ما رأت من بركته فردّته معها، ثم ردته على أمه وهو ابن خمس سنين ويومين وقدمت حليمة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، بعدما تزوج، فبسط لها رداءه، وأعطتها خديجة أربعين شاة، وأعطتها بعيرا، وقد جاءت إليه صلى الله عليه وسلم، يوم حُنين، فقام إليها وبسط لها رداءه، فجلست عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى