مقال

رسالة من داخل السّجن    (رواية قيد الإنجاز

 

 

بقلم: رشيد (فوزي) مصبا

ـــــــــــــــــــــــ

الجزء الرّاب

(6

تمّ استدعائي من طرف رئيس دائرة “أم العظائم” رفقة بعض الزّملاء، أين قام بتسليمنا محاضر نتائج الاقتراع و اطلاعنا على توصيات والي الولاية القاضية بتحديد قائمة الفائزين مسبقا أيّامًا قبل الاقتراع. وجاء دوري في استلام المحاضر وما تبعها من وثائق وأختام وأوامر بإنجاح قائمة “الأرندي”* و”الأفلان”*. كنتُ أعرف بأنّ الأمور لن تمرّ هذه المرّة بسلام، وأن الإدارة التي قامت بتعييني لم يعد بإمكانها تغييري وأنّه قد فات الأوان. لكن القائمين الذين قاموا بتعييني، وصبروا على مضض الغُصص، لسان حالهم كان حينها يقول: “كي يحضر الكلام يحضر جوابه”. وأما العبد السّاذج، ضعيف الحيلة والقوّة، فلسان حالي كان يردّد مقولة : “يمين البكّوش* في صدره “، وقلتُ في نفسي: سأُريهم إن كنتُ حصانهم الأسود أو الدّاكن عند استلامي للمهام

وتشاء الأقدار أن تلامس طفلة يتيمة الأب وفي سن البراءة في اليوم الأغر، عمود الإنارة العمومية، وتلفظ أنفاسها قبل وصولها إلى مصلحة الاستعجالات بمدينة “لعوينات”، التّابعة لولاية “تبسّة” الحدودية والتي لا تبعد سوى بعض الكيلومترات عن مقر بلدية “وادي الكبريت”

شكّل هذا الحدث المأساوي المروّع فرصة لدى بعض المناوئين، الذين اغتنموا فرصة العزاء ليقوموا بتحريض والدة الضّحيّة المسكينة، وطلبوا من الأم المكلومة أن ترفع دعوى قضائية ضد البلدية بتهمة “التهاون في القيّام بالمهام”. [مصائب قوم عند قوم فوائد]

حدثتْ بعد ذلك مناوشات داخل بعض المكاتب أين تجري عملية الاقتراع، وعلمتُ من أحد الأعوان أن رئيس فرقة الدرك كان من وراء إثارة البلبلة وسط بعض السذّج المغفّلين. وتأكّد لي ذلك من خلال رفضه السّماح بتسخير قوّة الدّرك لتهدئة الأمور، ومن خلال امتناعه عن مرافقتي إلى الدّائرة لتسليم وثائق النّتائج النهائية بعد غلق المكاتب و الانتهاء من عمليات الفرز

ومن المعلوم أن جهاز الدرك الوطني يعتبر محايدا فيما يتعلّق بالإنتخابات المحليّة، سواء في الأعراف أو حتى في نظر القوانين. لكن غريمي، هذا المساعد* الذي تمّ نقله إلى بلدية “وادي الكبريت” لأسباب تأديبيّة -كما جرى خبره على بعض الألسنة قبل مجيئه حتّى -، أراد إذلالي من خلال بزّته العسكريّة ومن خلال لكنته “الشّاوية”* التي ضحك بها على الذّقون، والذي ركب رأسه ونصب العداء والكراهية لي بلا سبب وجيه ومنطقي … فقلتُ في نفسي إذا كان رأس مال هذا “اللمّوشي” أو “النمّوشي”* هو ” التّاغنّانَتْ”* كما يّقال، فأنا الآخر شاوي* و”طريق الشّاوي بين عينيه” -كما جاء في المثل-

فبعد قيامي بتحرير المحضر، حسب النتائج المعلنة وليس حسب الأوامر و التعليمات التي تلقّيتُها في الدّائرة، خرجتُ مسرعًا وتعمّدتُّ تركه ورائي. وكان هذا أوّل تحدٍ بالنّسبة لي

………………………………………….. . . ….

– الأرندي*(R.N.D) التّجمع الوطني الديمقراطي هو حزب سياسي في الجزائر

– الأفلان* جبهة التحرير الوطني (ج ت و) (وتـُعرف بالاختصار( FLN) اسمها (بالفرنسية: Front de libération nationale)‏ ). هو حزب سياسي في الجزائر

– البكّوش* بْكُّوشْ أبكم ، لا ينطق . سَاكْتْ كِي لبْكُّوشْ : صامت كأنه أبكم

– مساعد* مساعد (بالإنجليزية: Warrant officer (WO))‏ أو رقيب أول (في البحرية) رتبة عسكرية لضباط الصف (أحيانا تنطق خطأ صف ضابط) وهي أعلى من رتبة رقيب أول وأقل من رتبة مساعد أول

– الشّاوية* هي اللغة التي يتحدث بها سكان الأوراس الكبير (باتنة، خنشلة، تبسة، أم البواقي، سوق أهراس) شرق الجزائر

– الشّاوي* ( بالأمازيغية: إيشاوين/ⵉⵛⴰⵡⵉⵢⵏ بالدارجة الجزائرية: شَّأوِيَة) هم مجموعة إثنية

– النمامشة أو المامشة أو اللمامشة* كما تسمى عند البعض هي قبيلة أمازيغية بربرية

– التّاغنّانتْ* اللِّجَاجِ بفتح اللام مصدر لج في الأمر يلج لجاجا ولجاجة ، التمادي والعناد في الفعل المزجور عنه ومنه { بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ}: بل تمادوا في طغيان ونفور عن الحق واستكبار ( كما جاء في بعض التفاسير).چ………؛….)عـحـ)جاء في بعض التفاسير).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى