مقال

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء السادس

نسائم الايمان ومع سيف الله المسلول ” الجزء السادس ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع سيف الله المسلول، وقد توقفنا عندما استنكر الصحابة في المدينة فعل خالد بن الوليد، وأرسل أبو بكر الصديق في طلب خالد، وكان عمر بن الخطاب ممن أغضبه فعل خالد، حتى أنه طلب من الخليفة أن يعزل هذا الأخير، إلا أن أبا بكر رفض ذلك، قائلا “ما كنت لأشيم سيفا سله الله على الكافرين” وقد عنف أبو بكر خالد بن الوليد على فعله، ثم صرفه إلى جيشه، وودي مالك وردّ سبي بني يربوع، وكان نداء يا مُحمّداه، هو شعار المسلمين الذي جعل ينادي به خالد بن الوليد في معركة اليمامة، وقد ادعى مسيلمة بن حبيب النبوة، واستطاع أن يجمع حوله أربعين ألفا من قومه بني حنيفة وغيرهم، ممن أقروا بنبوته، وكان في شهادة “الرجَّال بن عنفوة” الذي كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، قد بعثه مع وفد بني حنيفة.

 

حين وفدوا عليه ليعلنوا إسلامهم في عام الوفود ليعلمهم الدين، بأن محمد صلى الله عليه وسلم، قد أشركه في النبوة، وأكبر الدعم له في إدعائه، مما زاد من خطورة فتنته على المسلمين، لذا، فقد وجّه له الخليفة أبو بكر الصديق لواء بقيادة عكرمة بن أبي جهل، ثم أردفه بلواء آخر بقيادة شرحبيل بن حسنة، وتسرّع عكرمة في قراره بمواجهة جيش مسيلمة وحده قبل أن يدركه جيش شرحبيل بن حسنة، مما عرّضه لهزيمة نكراء، حين وصل شرحبيل بجيشه، أدرك صعوبة الموقف، لذا أرسل للخليفة ليُعلمه بما كان، حينئذ، كان خالد بن الوليد قد فرغ من أمر بني تميم، فأمره أبو بكر الصديق بالتوجه من البطاح إلى اليمامة، لقتال مسيلمة الكذاب متنبي بني حنيفة، وحين وصل خالد بجيشه إلى ثنية اليمامة، أدرك جيشه سرية من بني حنيفة.

 

فأمر بقتلهم واستبقى رئيسهم مجاعة بن مرارة، لعله يخلص منه بما ينفعه، وقيّده بالحديد في خيمته، وجعل على حراسته زوجته أم تميم، ونزل مسيلمة بجيشه في عقرباء على أطراف اليمامة، ثم التقى الجمعان، وكانت الغلبة في البداية لبني حنيفة، فتراجع المسلمون حتى دخلوا فسطاط خالد بن الوليد، وكادوا أن يبطشوا بأم تميم لولا أن أجارها مجاعة بن مرارة، لما وجد منها من حسن معاملة، حينئذ، ثارت الحمية في قلوب المسلمين، فأظهر المهاجرون والأنصار بطولات قلبت دفة المعركة لصالحهم، فتقهقرت بنو حنيفة يحتمون بحديقة مسوّرة منيعة الجدران تسمى بحديقة الرحمن، وأدرك المسلمون أنهم إن لم يسرعوا بالظفر بهم، فقد يطول الحصار، فطلب البراء بن مالك من رفقائه أن يحملوه ليتسوّر الحديقة وتبعه بعض زملائه.

 

واستطاعوا فتح باب الحديقة، وأعمل المسلمون القتل في بني حنيفة، وقتل وحشي بن حرب مسيلمة، مما فتّ في عضد بني حنيفة، ومن يومها، أصبحت الحديقة تسمى “بحديقة الموت” وبعد أن انتهت المعركة تحرك القائد خالد بن الوليد بجيشه، ليفتح حصون اليمامة، وكان خالد قد وثق بمجاعة لإجارته لأم تميم، وكان مجاعة قد أرسل للحصون التي لم يكن بها سوى النساء والأطفال والشيوخ ومن لا يستطيعون القتال بأن يلبسوا الدروع، وأقنع مجاعة خالد بن الوليد بأن الحصون مملوءة بالرجال، ونظر خالد فوجد جيشه قد أنهكته الحروب، وقتل منه الكثير حتى أنه قدر قتلى المسلمون يوم اليمامة بمائتين وألف منهم ثلاثة ومائة وستون من المهاجرين والأنصار، لذا رأى خالد أن يصالحهم على أن يحتفظ المسلمون بنصف السبي والغنائم.

 

وعندئذ طلب منه مجاعة أن يذهب ليعرض على قومه الأمر، ثم عاد زاعما بأنهم لم يقبلوا العرض، فخفضه خالد إلى الربع، وحين دخل المسلمون الحصون، لم يجد المسلمون سوى النساء والأطفال والعجزة، غضب خالد بن الوليد لخداعه، إلا أنه وجدها شجاعة من مجاعة، استطاع بها أن يحفظ بها من بقي من قومه، فأجاز الصلح، وبعد أن تم لخالد بن الوليد النصر، طلب من مجاعة أن يزوجه ابنته، فلبّى مجاعة طلبه، وتسبب ذلك في إثارة غضب الخليفة أبو بكر الصديق وكبار الصحابة، لأنه لم يختر الوقت المناسب لذلك، فقد كانت المدينة في حالة حزن على فقدانهم لألف ومائتي شهيد بينهم تسعه وثلاثون من حفظة القرآن الكريم، وهو ما استدعى جمعهم للقرآن، وأرسل أبو بكر الصديق لخالد فعنفه أشد مما عنفه يوم زواجه من أم تميم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى