مقال

المعايير التي يُحمل عليها القديم والجديد

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن المعايير التي يُحمل عليها القديم والجديد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

اليوم : الجمعة الموافق 24 نوفمبر

الحمد لله رب العالمين الأول والأخر والظاهر والباطن وهو بكل شي عليم واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم، إن المقياس في القبول والرد ينبغي أن يكون شيئا بعيدا كل البعد عن محض القدم، أو الجدة، فإن الصلاح والفساد، والنفع والضر، والفضيلة والرذيلة، هي المعايير التي يُحمل عليها القديم والجديد فإذا كان القديم الذي امتد به العمر لا يزال حيّا، صالحا نافعا فاضلا فلم التقزز، والاشمئزاز عند ذكره، ولماذا الدعوة إلى نبذه، وإستبدال الجديد به؟ ومن ذا الذي يضمن أن الجديد هو الأصلح والأنفع، وأنه خطوة إلى الأمام، وأنه ارتقاء، وصعود، وليس ارتكاسا وانتكاسا أو نقضا وهدما؟ فإن القديم هو الواقع، الثابت الذي يقوم به الماضي والحاضر معا.

 

والجديد لا يعدو أن يكون أمرا يتوهمونه أمرا وهو بعد لم يقع، فليس الممكن أولى به من المستحيل، ولا المستحيل أحق به من الممكن، ولقد كان النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يسلم على الأطفال ويمازحهم ويداعبهم، ويقضي حاجة الفقير وذا الحاجة، بعيدا عن الكبر والأنفة، والشدة والغلظة، بل كان رفيقا رقيقا، متواضعا لله ولعباده، وهو صلى الله عليه وسلم قد نهى عن الانتقام ممن أساء إليه، وعفى عنهم وصفح، ورحم وتجاوز، فأفيقوا أيها الناس، أيها البشر، في كل بقعة من بقاع العالم، فقد جاءكم النذير عن صدق محمد السراج المنير صلى الله عليه وسلم، فما عليكم إلا أن تقرءوا سيرته العطرة، لتعرفوا حقيقته البيضاء الناصعة، فهو أرحم بالناس من أنفسهم، فكم كانت رحمة النبي صلى الله عليه وسلم بالكفار. 

 

وتأسيه لموت إنسان وهو على الكفر، بل كان يدعوهم إلى الإسلام، حتى وهم على فرش الموت، لعله ينقذهم من النار، وعندما أحاط بهم يوم فتح مكة العظيم ، وتمكن من رقابهم قال لهم ” اذهبوا فأنتم الطلقاء”  أى رحمة هذه، وأي شفقة تلك، مقابلة للإساءة بالإحسان، ومقابلة الظلم بالغفران لقد مُلأ قلبه صلى الله عليه وسلم عفوا عظيما، وإحسانا كبيرا حتى عفا عمن كذبوه واتهموه وتجاوز عمن طردوه وأدموه وصدق الله العظيم القائل ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” فويل للكفار والظالمين الفاسقين من مشهد يوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم تزل القدم ولا ينفع الندم، إن لم يعودوا إلى رشدهم، ويؤمنوا بربهم، ويصدقوا نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم، فإنهم مساكين أولئك الكفار، لم يعرفوا حقيقة النبي المختار. 

 

ذو الرفعة والإكبار، المؤيد بربه الواحد القهار، لم يدركوا أنهم نبي هذه الأمة جمعاء، عرب وعجم، بل لجو في عتو ونفور، وزهو وغرور، غفلوا عن سيرته، وتعاموا عن سجيته، وتغافلوا عن رحمته، وأيم الله لقد بلغت شفقة الحبيب صلى الله عليه وسلم ورحمته، كل شيء، حتى نالت الكفار، وهم يقعون فيه ويسبونه، ويسيئون إليه ويشتمونه، ويستهزءون به ويرسمونه، فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَن قَتل معاهدا لم يرح رائحةَ الجنة، وإِن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاما ” رواه البخارى، فهل بعد هذه الرحمة من رحمة، وهل بعد تلك الشفقة من شفقة، ولكن الكافرين لا يعلمون، رحمة لو بلغت أعداء الله، لما تخلف منهم أحد عن ركب الإسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى