مقال

الدكروري يكتب عن الصحابي العلاء بن الحضرمي

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الصحابي العلاء بن الحضرمي

 

بقلم محمد الدكروري

 

الصحابى الجليل العلاء بن الحضرمي، وهو العلاء بن عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعه بن مالك بن عويف الحضرمي، وكان صحابى جليل من صحابة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومن كتبة الوحي، وقد بعثه النبى صلى الله عليه وسلم، سفيرا وأميرا وجابيا ومجاهدا وقائدا، وقد أرسله رسول الله صلى الله عليه وسلم، برسالة الإسلام لملك إقليم البحرين من قبل الفرس المنذر بن ساوى، وكان ذلك في القرن السابع الميلادي الموافق للسنة الثامنة الهجرية، وبعد وفاة المنذر بن ساوى التميمي تولى العلاء الحضرمي الحكم بها، وهى إقليم البحرين أو الخُط، وهي منطقة تاريخية كانت تقع في شرق شبه الجزيرة العربية، وقد إمتدت من جنوب البصرة على طول ساحل الخليج العربي وقد شملت دولة الكويت والأحساء والقطيف ودولة قطر بالإضافة إلى أوال، وهى مملكة البحرين حاليا، وأما عن اسم الحضرمي هو عبد الله بن عباد، وكان عبد الله الحضرمي أبوه قد سكن أم القرى مكةَ المكرمة، وكان للعلاء عدة إخوة منهم عمرو بن الحضرمي، وهو أول قَتيل من المشركين، وماله أول مال خمس في المسلمين، وبسببه كانت وقعة بدر، وعامر بن الحضرمي الذي قتل يوم بدر كافرا، وكان أخوهما عمر بن الحضرمي هو أول قتيل من المشركين قتله مسلم، وقتل يوم نخلة، وكانت أختهم هى الصعبة بنت الحضرمي، وتزوجها أبو سفيان وطلقها، فخلف عليها عبيد الله بن عثمان التيمي، فولدت له طلحة بن عبيد الله التيمي، وكان أخوه ميمون بن الحضرمي صاحب البئر التي بأعلى مكة بالأبطح يقال لها بئر ميمون وهى مشهورة على طريق أهل العراق، وكان حفرها في الجاهلية، وقد أسلم العلاء بن الحضرمي قديما، وقد ولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، على البحرين، وتوفى النبى صلى الله عليه وسلم، وهو عليها، فأقره الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه، في خلافَته كلها عليها، ثم أقرَّه الخليفة الراشد الثانى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وتوفى في خلافة عمر بن الخطاب فى السنة الرابعة عشر من الهجرة النبوية الشريفة، وقال الحسن بن عثمان، توفي العلاء بن الحضرمي سنة إحدى وعشرين وهو واليا على البحرين، فاستعمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكانه أبا هريرة، وقد روى الأنصاري، عن إبن عوف، عن موسى بن أنس أن أبا بكر الصديق قد ولى أنس بن مالك رضى الله عنهما البحرين، وهذا لا يعرفه أهل السِّير، وقال أبو عبيدة رضى الله عنه، مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه، والعلاء مُحاصر لأهل الردّة، فأقرَّه عمر بن الخطاب وحينئذ بارز البراء بن مالك مرزبان الزَّارة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد بعث العلاء بن الحضرمى إلى المنذر بن ساوي العبدي ملك البحرين، ثم ولاه على البحرين إذ فتحها الله عليه، وأقرَّه عليها أبو بكر الصديق، ثم ولاه عمر البصرة، فمات قبل أن يصل إليها، وهو أول من نقش خاتم الخلافة، ويقال إن العلاء كان مجاب الدعوة، وأنه خاض البحر بكلمات قالها ودعا بها ولما قاتل أهل الردة بالبحرين كان له في قتالهم أثر كبير، وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد روى عنه من الصحابة السائب بن يزيد، وأبو هريرة رضى الله عنهم أجمعين، وقد أسلم العلاء مبكرا، وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد بعثه رسول الله إلى أهل عمان ليعلمهم شرائع الإسلام ويصدق أموالهم، وكان العلاء هو أول من غزا بلاد فارس في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما غى العام السابع عشر من الهجرة، وقد خرج بجيوشه بحرا وخرجوا باصطخر، فقاتلهم قتالا عنيفا، وأنجلى القتال عن هزيمة أهل اصطخر، وإصطخر هى مدينة قديمة تقع في جنوب إيران، في محافظة فارس، على بعد خمسة كيلومترات إلى الشمال من أنقاض مدينة برسيبوليس، وكان العلاء من سادات الصحابة العلماء العباد، وكان مجاب الدعوة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال، لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، العلاء بن الحضرمي، إلى البحرين، تبعته فرأيت منه عجبا، وقيل أنه جهز أمير المؤمنين عمر بن الخطاب جيشا واستعمل عليهم العلاء بن الحضرمي، وقال أنس بن مالك، وكنت في غزاته فأتينا مغازينا فوجدنا القوم قد بدروا بنا فعفوا آثار الماء والحر شديد فجهدنا العطش ودوابنا وذلك يوم الجمعة فلما مالت الشمس لغروبها صلى بنا ركعتين ثم مد يده إلى السماء وما نرى في السماء شيئا قال فوالله ما حط يده حتى بعث الله ريحا وأنشأ سحابا وأفرغت حتى ملأت الغدر والشعاب فشربنا وسقينا ركابنا واستقينا ثم أتينا عدونا وقد جاوزوا خليجها في البحر إلى جزيرة فوقف على الخليج وقال يا علي يا عظيم يا حليم يا كريم ثم قال أجيزوا بسم الله قال فأجزنا ما يبل الماء حوافر دوابنا فلم نلبث إلا يسيرا فأصبنا العدو عليه فقتلنا وأسرنا وسبينا ثم أتينا الخليج فقال مثل مقالته فأجزنا ما يبل الماء حوافر دوابنا قال فلم نلبث إلا يسيرا حتى رمي في جنازته قال فحفرنا له وغسلناه ودفناه فأتى رجل بعد فراغنا من دفنه فقال من هذا فقلنا هذا خير البشر هذا ابن الحضرمي فقال إن هذه الأرض تلفظ الموتى فلو نقلتموه إلى ميل أو ميلين إلى أرض تقبل الموتى فقلنا ما جزاء صاحبنا أن نعرضه للسباع تأكله قال فاجتمعنا على نبشه فلما وصلنا إلى اللحد إذا صاحبنا ليس فيه وإذا اللحد مد البصر نور يتلألأ قال فأعدنا التراب إلى اللحد ثم ارتحلنا، وقد روي عن أبي هريرة رضى الله عنه في قصة العلاء بن الحضرمي في استسقائه ومشيهم على الماء دون قصة الموت بنحو من هذا وذكر البخاري عن سهم بن منجاب قال غزونا مع العلاء بن الحضرمي فذكره وقال في الدعاء يا عليم يا حليم يا علي يا عظيم إنا عبيدك وفي سبيلك نقاتل عدوك اسقنا غيثا نشرب منه ونتوضأ فاذا تركناه فلا تجعل لأحد فيه نصيبا غيرنا وقال في البحر اجعل لنا سبيلا إلى عدوك وقال في الموت اخف جثتي ولا تطلع على عورتي أحدا فلم يقدر عليه، ولقد كان من أوضح ملامح شخصيته هو الجانب القيادي حيث ولاه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم، والخلفاء من بعده، وقاد الكثير من الجيوش وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثه إلى قادة القبائل ليدعوهم إلى الإسلام، ولقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، العلاء بن الحضرمي إلى المنذر بن ساوي في رجب سنة تسع فأسلم المنذر ورجع العلاء فمر باليمامة فقال له ثمامة بن آثال أنت رسول محمد قال نعم قال لا تصل إليه أبدا فقال له عمه عامر مالك وللرجل، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم اهدى عامرا وأمكني من ثمامة فأسلم عامر وأسر ثمامة، وقد أجمع أبو بكر بعثة العلاء بن الحضرمي فدعاه فقال إني وجدتك من عمال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين ولي فرأيت أن أوليك ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولاك، فعليك بتقوى الله فبعث العلاء عرفجة بن هرثمة الى أسياف فارس فقطع في السفن فكان أول من فتح جزيرة بأرض فارس واتخذ فيها مسجدا، وعن أبي هريرة قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع العلاء بن الحضرمي فأوصاه بي خيرا، فلما فصلنا قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوصاني بك خيرا فانظر ماذا تحب؟ قال، قلت تجعلني أؤذن لك ولا تسبقني بآمين، وعن الشعبي قال أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كتب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن سر إلى عتبة بن غزوان، فقد وليتك عمله، وطننت أنك أغنى منه، فاعرف له حقه، فخرج العلاء في رهط ، منهم أبو هريرة ، وأبو بكرة ، فلما كانوا بنياس مات العلاء، وكان أبو هريرة يقول رأيت من العلاء ثلاثة أشياء لا أزال أحبه أبدا، قطع البحر على فرسه يوم دارين، وقدم يريد البحرين، فدعا الله بالدهناء، فنبع لهم ماء فارتووا، ونسي رجل منهم بعض متاعه فرد، فلقيه ولم يجد الماء، ومات ونحن على غير ماء ، فأبدى الله لنا سحابة، فمطرنا، فغسلناه، وحفرنا له بسيوفنا، ودفناه، ولم نلحد له، فكان هذا الصحابي الجليل له منزلة كبيرة عند النبي صلى الله عليه وسلم على العكس من أخيه عمرو بن الخضرمي الذي هو أول قتيل من المشركين وبسببه كانت معركة بدر، ولقد أسلم العلاء رضي الله عنه قديما وكان من أسرة مرموقة في الجاهلية حيث أبوه كان حليفا لحرب بن أمية والد أبي سفيان، وما أن سمع العلاء بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم، حتى ألهمه الله الهدى والرشاد فآمن وكان من الصحابة الأوائل مما جعل النبي صلى الله عليه وسلم بعد منصرفه من الجعرانة أن بعثه رسولا من قبله إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين وبعث معه كتابا يدعوه إلى الإسلام، فقد تعلم القراءة والكتابة، وأسلم قبل قبل فتح مكة، وكان له شرف الصحبة والجهاد تحت لواء النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مكة، ويوم حنين وحصار الطائف في السنة الثامنة الهجرية، وبعثه الرسول صلى الله عليه وسلم سفيرا وداعيا من دعاته إلي أهل عمان ليعلمهم شرائع الإسلام وصدقات أموالهم، وكما بعثه إلى المنذر بن ساوي العبدي بالبحرين، ونجح العلاء في سفارته ودعوته أعظم نجاح، واستطاع أن يستنقذ البحرين من السيطرة الفارسية بلا قتال بإسلام عامل الفرس عليها المنذر بن ساوي، وأسلم جميع العرب بالبحرين، ثم أصبح أمير وعامل الرسول صلى الله عليه وسلم على الصدقات على البحرين، ، موضع ثقة وذكرت المصادر أنه عُرِف بالشجاعة والإقدام والورع والإيمان العميق وكان صاحب إرادة قوية وبصيرة وبعد نظر ومعرفة بالرجال والرغبة الشديدة في خدمة الإسلام، ويقال إنه كان مستجاب الدعوة وله كرامات وتوفي فى العام الرابع عشر هجريا بنياس من أرض بني تميم، وذكر البعض إنه تأخر الى سنة إحدى وعشرين من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى