مقال

نسائم الايمان ومع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء الثالث “

نسائم الايمان ومع ثمرات ذكر الله عز وجل “الجزء الثالث ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع ثمرات ذكر الله عز وجل، فإن الأذكار المقيدة بمحال مخصوصة أفضل من القراءة المطلقة، والقراءة المطلقة أفضل من الأذكار المطلقة، اللهم إلا أن يعرض للعبد ما يجعل الذكر أو الدعاء أنفع له من قراءة القران، مثاله أن يتفكر في ذنوبه، فيحدث ذلك له توبة واستغفارا، أو يعرض له ما يخاف أذاه من شياطين الإنس والجن، فيعدل إلى الأذكار والدعوات التي تحصنه وتحوطه، فهكذا قد يكون اشتغاله بالدعاء والحالة هذه أنفع، وإن كان كل من القراءة والذكر أفضل وأعظم أجرا، وهذا باب نافع يحتاج إلى فقه نفس، فيعطي كل ذى حق حقه، ويوضع كل شيء موضعه، ولما كانت الصلاة مشتملة على القراءة والذكر والدعاء.

 

وهي جامعة لأجزاء العبودية على أتم الوجوه، كانت أفضل من كل من القراءة والذكر والدعاء بمفرده، لجمعها ذلك كله مع عبودية سائر الأعضاء، فهذا أصل نافع جدا، يفتح للعبد باب معرفة مراتب الأعمال وتنزيلها منازلها، لئلا يشتغل بمفضولها عن فاضلها، فيربح إبليس الفضل الذي بينهما، أو ينظر إلى فاضلها فيشتغل به عن مفضولها وإن كان ذلك وقته، فتفوته مصلحته بالكلية، لظنه أن اشتغاله بالفاضل أكثر ثوابا وأعظم أجرا، وهذا يحتاج إلى معرفة بمراتب الأعمال وتفاوتها ومقاصدها، وفقه في إعطاء كل عمل منها حقه، وتنزيله في مرتبته، ومن فوائد الذكر، أنه قيل في الذكر نحو من مائة فائدة، وهى أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره، وأنه يرضي الرحمن عز وجل.

 

وأنه يزيل الهم والغم عن القلب، وأنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط، وأنه يقوي القلب والبدن، وأنه ينور الوجه والقلب، وأنه يجلب الرزق، وأنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة، وأنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام، وأنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان، وأنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل، وأنه يورثه القرب منه، وأنه يفتح له بابا عظيما من أبواب المعرفة، وأنه يورثه الهيبة لربه عز وجل وإجلاله وأنه يورثه ذكر الله تعالى له، كما قال تعالى “فاذكرونى أذكركم” وأنه يورث حياة القلب، وأنه قوة القلب والروح، وأنه يورث جلاء القلب من صدئه، وأنه يحط الخطايا ويذهبها، فإنه من أعظم الحسنات، والحسنات يذهبن السيئات.

 

وأنه يزيل الوحشة بين العبد وبين ربه تبارك وتعا لى، وأن ما يذكر به العبد ربه عز وجل من جلاله وتسبيحه وتحميده، يذكر بصاحبه عند الشدة، وأن العبد إذا تعرف إلى الله تعالى بذكره في الرخاء عرفه في الشدة، وأنه منجاة من عذاب الله تعالى، وأنه سبب نزول السكينة، وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة بالذاكر، وأنه سبب إشتغال اللسان عن الغيبة، والنميمة، والكذب، والفحش، والباطل، وأن مجالس الذكر مجالس الملائكة، ومجالس اللغو والغفلة مجالس الشياطين، وأنه يؤمّن العبد من الحسرة يوم القيامة، وأن الاشتغال به سبب لعطاء الله للذاكر أفضل ما يعطي السائلين، وأنه أيسر العبادات، وهو من أجلها وأفضلها، وأن العطاء والفضل الذي رتب عليه لم يرتب على غيره من الأعمال.

 

وأن دوام ذكر الرب تبارك وتعالى يوجب الأمان من نسيانه الذي هو سبب شقاء العبد في معاشه و معا ده، وأنه ليس في الأعمال شيء يعم الأوقات والأحوال مثله، وأن الذكر نور للذاكر في الدنيا، ونور له في قبره، ونور له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط، وأن الذكر رأس الأمور، فمن فتح له فيه فقد فتح له باب الدخول على الله عز وجل، وأن في القلب خلة وفاقة لا يسدها شيء البتة إلا ذكر الله عز وجل، وأن الذكر يجمع المتفرق، ويفرق المجتمع، ويقرب البعيد، ويبعد القريب، فيجمع ما تفرق على العبد من قلبه وإرادته، وهمومه وعزومه، ويفرق ما اجتمع عليه من الهموم، والغموم، والأحزان، والحسرات على فوات حظوظه ومطالبه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى