مقال

نفحات إيمانية ومع المقاطعة والهجرة النبوية ” الجزء الرابع “

نفحات إيمانية ومع المقاطعة والهجرة النبوية ” الجزء الرابع ”

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع المقاطعة والهجرة النبوية، فرفض صلى الله عليه و سلم، مساوماتهم، ودعاهم إلى إله بكل ثبات وأخبرهم أنه عبد رسول من الله لهم يحذرهم من عذابه و يبشر من أجاب بالنعيم المقيم، فانتقلوا إلى نقطة أخرى، وطلبوا منه أن يسأل ربه أن يسير عنهم الجبال، ويبسط لهم البلاد، ويفجر فيها الأنهار، ويحيى لهم الموتى ولا سيما قصي بن كلاب فإن صدقوه يؤمنون به‏،‏ فأجاب بنفس ما سبق من الجواب‏،‏ فانتقلوا إلى نقطة ثالثة، وطلبوا منه أن يسأل ربه أن يبعث له ملكا يصدقه، ويراجعونه فيه، وأن يجعل له جنات وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة، فأجابهم بنفس الجواب‏، فانتقلوا إلى نقطة رابعة، وطلبوا منه العذاب‏ أن يسقط عليهم السماء كسفا.

 

 

كما يقول ويتوعد، فقال‏ “ذلك إلى الله، إن شاء فعل”‏ فقالوا أما علم ربك أنا سنجلس معك، ونسألك ونطلب منك، حتى يعلمك ما تراجعنا به، وما هو صانع بنا إذا لم نقبل‏، وأخيرا هددوه أشد التهديد، وقالوا‏‏ أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى نهلكك أو تهلكنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وانصرف إلى أهله حزينا أسفا لما فاته ما طمع من قومه‏، ولما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم خاطبهم أبو جهل في كبريائه وقال‏ يا معشر قريش، إن محمدا قد أبي إلا ما ترون من عيب ديننا، وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا، وشتم آلهتنا، وأني أعاهد الله لأجلسن له بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته فضخت به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني.

 

فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم، قالوا‏ والله لا نسلمك لشيء أبدا، فامض لما تريد‏، فلما أصبح أبو جهل، أخذ حجرا كما وصف، ثم جلس لرسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظره، وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان يغدو، فقام يصلي، وقد غدت قريش فجلسوا في أنديتهم ينتظرون ما أبو جهل فاعل، فلما سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم احتمل أبو جهل الحجر، ثم أقبل نحوه، حتى إذا دنا منه رجع منهزما ممتقعا لونه، مرعوبا قد يبست يداه على حجره، حتى قذف الحجر من يده، وقامت إليه رجال قريش فقالوا له‏‏ ما لك يا أبا الحكم‏؟‏ قال‏ قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لى دونه فحل من الإبل، لا والله ما رأيت مثل هامته.

 

ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهمّ بى أن يأكلنى‏،‏ فقال ابن إسحاق‏ فذكر لي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‏ “ذلك جبريل عليه السلام لو دنا لأخذه‏” في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقعت معجزات حسية، وهي من أعلام نبوته، ودلائل ملموسة على حفظ الله ورعايته له، وعلو قدره ومنزلته، ومن ذلك ما حدث مع أم معبد رضي الله عنها، وكذلك وصفها الدقيق له صلى الله عليه وسلم، وأم معبد رضي الله عنها هي عاتكة بنت كعب الخزاعية ، وهي أخت حبيش بن خالد الخزاعي الذي روى قصتها، وقصة وصفها للنبي صلى الله عليه وسلم تناقلها الرواة وأصحاب السيّر، وعن حبيش بن خالد رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

” أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من مكة، وخرج منها مهاجرا إلى المدينة، هو وأبو بكر رضي الله عنه ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة رضي الله عنه ودليلهما الليثي عبد الله بن الأريقط ، مروا على خيمتي أم معبد الخزاعية ، وكانت برزة أى كهلة كبيرة السن، جلدة قوية وعاقلة، تحتبي أى تجلس وتضم يديها إحداهما إلى الأخرى، على ركبتيها، وتلك جلسة الأعراب بفناء القبة ثم تسقي وتطعم، فسألوها لحما وتمرا، ليشتروه منها، فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك، وكان القوم مُرملين أى نفذ زادهم، مسنتين أى في مجاعة وقحط، فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر أى فى جانب الخيمة، فقال ما هذه الشاة يا أم معبد؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى