منوعات

ذكرى موقعه عين جالوت

ذكرى موقعه عين جالوت،،،

كتب/ ياسين عبدالباسط

 

رحم الله

الامير محمود بن ممدود (سيف الدين قطز).

والامير ركن الدين بيبرس البندقدارى

ورضي الله عن سيدي العز بن عبدالسلام

وانزلهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا

#ذكري_عين_جالوت

 

وموقعة عين جالوت تعد بداية إنهزام الحملة المغولية في الشرق الأوسط بعد أن سببت العديد من الخسائر البشرية والحضارية أبرزها سقوط بغداد.

وكان تعامل المؤرخين المسلمين مع المغول وتضخيم شأنهم سببه براعة تكتيك المغول في الحرب النفسية وذكاء قادتهم في شق صفوف اعدائهم وتأليبهم علي بعضهم البعض ونشر الذعر من خلال لغة عربية فصيحة وخطابات مؤثرة القوها بمساعدة من عاونهم الي عامة الناس.

 

قال المؤرخ النسابة الكاتب إبن الأثير الجزري (ولد 1160م) وهو يصف سقوط بغداد والذعر بين الناس لما أكمل المغول تقدمهم حتي وصلوا غزة: 

 

” يا ليت أمي لم تلدني، و يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسياً منسياً “.

 

وبرأيي من خلال سطوره وهو من الميسورين الأغنياء فنري مقدار الحسرة والألم الذي انتشر بذلك الوقت.

 

رجوعاً لمعركة عين جالوت، فالمعركة حدثت بعد الخطاب الشهير الذي أرسله المغول لمصر يطالبوا فيه بتسليم المدن والأقاليم المصرية بصيغة التهديد والوعيد، وذلك كان في فترة عدم استقرار برأس السلطة بالقاهرة وضعف الأيوبيين وقلة أعداد الجيش بسبب تنازع الأمراء بين بعضهم، وكان من أبرز هؤلاء الأمراء هما ( المظفر سيف الدين قطز الخوارزمي ) و ( ركن الدين بيبرس ) الذين قررا محاربة المغول وإعلان التعبئة للناس وفتح أبواب المشاركة بالجيش بإستعمال الشيخ العز بن عبدالسلام وهو السلطة الدينية وقتها، في حين كان هناك نية عند أمراء آخرين بالهروب والهجرة ناحية الجزائر إقتداءاً ببعض الجاليات في مصر التي توجهت غرباً بعد انتشار خبر وصول رسل المغول وصلبهم لاحقاً علي ابواب القاهرة، بعد فتاوي بها ايجاز ذلك لإظهار القوة وبسبب ان المدن التي سلمت واحسنت الي رسل المغول قد خربوها عند دخولهم علي اي حال.

 

وكمعلومة لا يعرفها العديد من العامة، فأنه لما جاءت النية عند المغول في الدخول الي مصر. هيكلوا جيشهم بالعديد من الكرج (الجورجيين) والأرمن وبعض الصقالبة مع جالية كبيرة من جنود أهل الموصل وحمص ودمشق والكرك بشكل مباشر أو غير مباشر رفقة ملوكهم كالسعيد بن الملك العزيز الأيوبي والأشرف موسي صاحب حمص بينما هرب الناصر يوسف ملك دمشق من وجه قطز وأعدمه المغول لذلك لاحقا.

 

يقول في ذلك المؤرخ إبن تغري البردي (ولد 1411 م):

 

” ثم جاءوا (أي المغول) إلى غزّة وقبضوا على واليها وأخذوا حواصل الملك من غزّة والقدس وغيرهما، ثم إنّهم أطمعوا الملك المغيث صاحب الكرك فى ملك مصر، وقالوا له:هذا ملك أبيك وجدّك وعمّك، ثم عزموا على قصد الديار المصريّة، فجاء الخبر إلى مصر بذلك فخرج إليهم العسكر المصرىّ، واجتمعوا بالصالحيّة وأقاموا بها، فلمّا كان سحر ليلة السبت منتصف ذى القعدة وصلت البحريّة بمن معهم من عسكر الملك المغيث، ووقعت الحرب بين الفريقين واشتدّ القتال بينهم وجرح جماعة، والمصريّون مع ذلك يزدادون كثرة “.

 

وقال العلامة المؤرخ بن كثير الدمشقي (ولد 1373م):

 

” اسْتهلت هذه السنة بيوم الخميس وليس للناس خليفة، وملك العرَاقيين وخرَاسَانَ وغَيرِ ذَلِكَ مِنْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ السلطانُ هولَاكوقان ملِك التتارِ ابن تولِي بن جنكزخان، وسلطان دِيارِ مِصر هو الْملِك الْمُظفر سَيْف الدِّينِ قطز مَمْلُوك الْمعِزِّ أَيبَكَ الترْكمَانِي، وَسُلْطَانُ دِمَشْقَ وَحَلَبَ الْمَلِكُ الناصِرُ بْنُ الْعزيز بْنِ الظاهر غازِي بْنِ الناصِرِ فَاتِحِ الْقُدْسِ، وَبِلَادِ الْكَرك وًالشوبكِ للمَلِكِ الْمغِيثِ بْن الْعادِل أَبِي بَكْرِ بْنِ الْكَامِلِ وهو حزب مَعَ الناصر صَاحِبِ دِمَشْقَ عَلَى الْمصرِيين، وَمَعَهُمَا الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بِيبَرْسُ الْبُنْدُقْدَارِيُّ، وَقَدْ عَزَمُوا عَلَى قِتَالِ الْمصريين وَأَخْذِ الْبَلَدِ مِنْهُمْ “.

 

وقال المؤرخ شمس الدين الذهبي (ولد 1274م):

 

” ثم سار المغيث بالعساكر الشامية، فضرب مع المصريين رأسا في الرمل، فانكسر وأسرت طائفة من أمرائه، وهم أيبك الرومي، وأيبك الحموي، وزكي الدين الصيرفي، وابن أطلس خان الخوارزمي، فضربت أعناقهم صبرا بين يدي سلطان مصر قطز “.

 

ورغم الصراعات الذي استغلها المغول إستغلال عظيم بين دول وإمارات المنطقة، إلا أنه كُتب عليهم الهزيمة في عين جالوت، وقد نال من تعاون معهم من المسلمين أشد العقاب.

 

قال المؤرخ الفارسي رشيد الدين الهمذاني (ولد 1247م). ولقبه يرجع الي همذان المدينة الإيرانية ليس القبيلة، عند وصفه معركة عين جالوت:

 

” فقذف المغول سهامهم و حملوا على المصريين، فتراجع قطز و لحقت بجنوده الهزيمه و هنا تشجع المغول و تعقبوه، وقتلوا كثيراً من المصريين، و لكن لما بلغوا الكمين، انشق عليهم من ثلاث جهات، وأغار المصريون على جنود المغول و قاتلوه٨م قتالاً مستميتاً من الفجر حتى منتصف النهار، ثم تعذرت المقاومه على جيش المغول، ولحقت به الهزيمه آخر الأمر “.

 

وبالمناسية مدة تجهيز الجيش لموقعة عين جالوت كانت قصيرة جداً وهي بضع شهور بدأت في ذي القعدة وبعدها في شعبان خرجوا حسب المؤرخ شمس الدين الذهبي:

 

” وفي وسط العام قُرئ كتابُ هولاكو.. وكان شروع المصريين فِي الخروج إلى التّتار في نصف شعبان. ”

 

أي أن إنتصار قطز وجنوده كان إعجازي بعدة مقاييس وهذا أوقع أثار إيجابية كبيرة في نفوس المؤرخين المسلمين، فاصبح الجميع يروي سرديات مختلفة بها بشارات وسرور. أشهرها هو رواية أن قطز جاءه الرسول صلي الله عليه وسلم في منامه وهو طفل وقد بشره بالملك علي اهل مصر وبشره بكسر التتار، وهي رواية نقلها محدثين كبار أبرزهم ابن الأثير الجزري وبن كثير.

 

وكي لا أطيل أكثر، فقد وصلت بعدها السلطنة المصرية المملوكية أوج قوتها وانتقلت لتكون أكبر قوة اقليمية بفضل ذكاء وحسن تصرف أمرائها وثبات وتحمل الجنود واهل مصر بعد فرض الضرائب الكبيرة وجمع المال من كافة الناس كبيرهم وصغيرهم وتجهيز النفوس بالجيش. وبذلك تكون أيضا أحد أجمل وأروع الملاحم في التاريخ الإسلامي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى